"قال أبو عيسى: هذا الحديث أَصَحُّ شَيْءٍ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَحْسَنُ" أصح هذه أفعل تفضيل وكذلك أحسن، ومن مقتضى أفعل التفضيل أن يكون هناك شيئان اشتركا في وصف وهو هنا الصحة والحسن، وفاق أحدهما الآخر، فيكون هذا الحديث حديث ابن عمر أصح ما في الباب وأرجح من غيره، اشتركا في الوصف الذي هو الصحة وفاق أحدهما الآخر في هذا الوصف الذي هو الصحة، لكن من خلال الاستقراء لعمل أهل الحديث نجدهم لا يستعملون أفعل التفضيل على بابها، فقد يقولون في حديث ضعيف: هو أصح شيء في هذا الباب، يعني أقوى ما في هذا الباب وإن كان ضعيفاً، فهم لا يستعملونها على بابها، وقد جاءت في النصوص، نصوص الكتاب والسنة على غير بابها {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُّسْتَقَرًّا وَأَحْسَنُ مَقِيلًا} [(24) سورة الفرقان] يعني ممن؟ أصحاب الجنة خير ممن؟ من أصحاب النار، وأصحاب النار دلت النصوص أنه لا خير عندهم، لا خير لهم ولا عندهم ولا فيهم، ولا مقيل لهم، فضلاً أن يكون المقيل حسناً، فاستعمال أفعل هنا على غير بابها، هنا الترمذي يقصد الباب الذي يوافق فيه أهل اللغة، وأنه يرجح هذا الحديث على حديث أبي هريرة المخرج في الصحيحين ((لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ)) هذا حديث أبي هريرة في الصحيحين، ولا شك أن حديث أبي هريرة أرجح من حديث ابن عمر؛ لأنه متفق عليه "أَصَحُّ شَيْءٍ فِي هَذَا الْبَابِ وَأَحْسَنُ، وَفِي الْبَاب عَنْ أَبِي الْمَلِيحِ عَنْ أَبِيهِ" وهو مخرج في سنن أبي داود والنسائي وابن ماجه "وَأَبِي هُرَيْرَةَ" وهو متفق عليه، وقد أشرنا إليه "وَأَنَسٍ" عند ابن ماجه وأبي بكرة، وأبي بكر أيضاً، والزبير وأبي سعيد الخدري وغير هؤلاء، قاله الحافظ ابن حجر في التلخيص، وفي الباب أيضاً عن عمران بن حصين وأبي سبرة وأبي الدرداء، وابن مسعود ورباح بن حويطب عن جدته، وسعد بن عمارة، وذكر أحاديثهم الهيثمي في مجمع الزوائد، المقصود أن الحديث مروي من طرق كثيرة جداً فثبوته قطعي، ثبوته قطعي، ولذا أجمع الأئمة وجميع فقهاء الأمصار على أن الطهارة شرط لا تصح الصلاة إلا بها.