أما ما يسمى بأدب الدرس فيقصد به ما يسمى بفن الأدب، الفن المستقل عن العلوم الشرعية، الذي يجمع الأخبار والطرائف والأشعار هذا ألفت فيه كتب كثيرة كبيرة وصغيرة منها عشرات المجلدات، وفيه الغث والسمين، فيه ما يمكن أن يستفاد منه، وفيه ما يشتمل على إباحية وشيء من المجون، فمثل هذا يقرأ بحذر، وزهر الآداب للحصري طيب في هذا الباب، وأنقى هذه الكتب في الجملة، وعتب عليه أنه أغفل جانب مهم وحيوي على ما يقولون من جوانب الأدب وهو المجون، فعتب عليه في هذا، الأدباء تكلموا فيه؛ لأنهم اعتادوا من يقرأ في مثل الأغاني أو كتب الجاحظ هذه فيها مجون شديد، يعني كتاب: العقد الفريد أفضل من الأغاني لكنه لا يسلم، كتاب عيون الأخبار لابن قتيبة أيضاً كتاب طيب، فيه فوائد وأخبار وأشعار وطرائف تجم الذهن، على أن كتب الأدب على ما فيها لا يقال: إنها خالية بالكلية من الفائدة، على ما فيها من مجون، لكن طالب العلم يشح بوقته أن ينفقه في مثل هذه الكتب، وفيها فوائد، وفيها عبرة، وفيها استجمام للذهن بعد أن يكون الإنسان قد أمضى وقتاً طويلاً في مدارسة العلم، وهو على خلاف ما تهواه النفس، وتشتهيه ينظر في مثل هذه الكتب، وذكرنا مثال يبين أن هذه الكتب وإن كان جلها الغث، لكن فيها ما يستفاد منه، بل فيها ما ينفع في دقائق العلم، فيها ما ينفع من دقائق العلم، وقول الإمام أبي حاتم الرازي في جبارة بن المغلس: "بين يدي عدل" هذه كان الحافظ العراقي يظنها لفظ تعديل، وكانوا يقرؤونها: "بين يديَّ عدل" يعني جبارة بن المغلس، ابن حجر لما رأى أقوال أهل العلم في جبارة وأنهم كلهم أو جلهم على التضعيف، وأبو حاتم من أشدهم كيف يقول: بين يديَّ عدل؟ أوجس منها ريبة وشك، لا بد أن ينظر في أصلها إيش معناها؟ يقول: فوقفت على قصة في كتاب الأغاني لطاهر، القائد طاهر مع ولد للرشيد هارون، كان يأكل في مائدة طاهر القائد هذا مع مجموعة من الناس منهم ولد للرشيد صغير فأخذ طاهر أعور فأخذ هندبات إما قرع وإلا كوسة وإلا باذنجان، أخذها هندبات فرماها في عين طاهر التي تبصر، فشكاه إلى أبيه، اشتكاه إلى أبيه وقال: هكذا فعل بالسليمة والأخرى بين يدي عدل، الأخرى تالفة ما تبصر عمياء،