"قال: قلت لأنس" يعني حميد يقول: "قلت لأنس: فكيف كنتم تصنعون أنتم؟ قال: كنا نتوضأ وضوءاً واحداً" يعني لجميع الصلوات ما لم نحدث، على ما سيأتي في الحديث الذي يليه، يصلون الصلاة بوضوء واحد، قال: كيف كنتم تصنعون أنتم؟ قال: كنا نتوضأ وضوءاً واحداً، فيصلون به الصلوات ما لم يحدثوا، يتصور أن الإنسان يصلي الظهر والعصر والمغرب والعشاء بوضوء واحد، هذا متصور لتقارب ما بين هذه الصلوات، لكن هل يصلي الظهر بوضوء الفجر أو الفجر بوضوء العشاء؟ هذا بعيد، لكن ذكر عن بعض أهل العلم أنه مكث سنين يصلي الفجر بوضوء العشاء، لكن مثل هذا يلزم عليه إحياء الليل كله، وما عرف عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه أحيا ليلة كاملة كما تقول عائشة وغيرها، لكنه في العشر الأواخر على وجه الخصوص يشد المئزر، يشد المئزر فالظاهر أنه كان يُحيي الليل كله في العشر الأواخر، وأما ما عداها فلم يعرف عنه أنه أحيا ليلة كاملة، فالسنة أن ينام الإنسان ليتقوى بهذا النوم على عباداته من نافلة في قيام الليل أو صلاة الصبح يتقوى بها والجلوس بعدها إلى انتشار الشمس، فلا شك أن النوم إذا قصد به التقوي على العبادة فهو عبادة، يكون عبادة يؤجر عليه الإنسان.
"قال أبو عيسى: حديث حميد عن أنس حديث حسن غريب" قالوا: تفرد به محمد بن إسحاق، قاله الشارح وغيره، قالوا: غريب؛ لأنه تفرد به محمد بن إسحاق، لكن الحديث الذي يليه برقم ستين، قال: "حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا يحيى بن سعيد وعبد الرحمن هو ابن مهدي قالا: حدثنا سفيان بن سعيد عن عمرو بن عامر الأنصاري قال: سمعت أنس" فعمرو بن عامر متابع لحميد عن أنس، متابع لحميد عن أنس، وأيضاً: سفيان الثوري متابع لابن إسحاق فارتفعت الغرابة، اللهم إلا إذا كان يريد غرابة نسبية يعني من طريق حميد فقط فقد تفرد بالرواية عنه محمد بن إسحاق، فالغرابة هنا يمكن أن توجه بأنها نسبية.