هذه العلة الحقيقية في عدم التنشف، لكن هذه العلة هل تقتضي تحريم؟ لا، لا تقتضي تحريم، بل لو قيل: إنها لا تقتضي ولا كراهة، وإنما تقتضي أن يكون التنشف خلاف الأولى، تقتضي أن يكون التنشف خلاف الأولى، وإذا كانت الكراهة تزول بأدنى حاجة الكراهة تزول بأدنى حاجة فمن باب أولى أن يزول خلاف الأولى بأدنى منها، فإذا وجدت الحاجة للتنشف الجو بارد يتوضأ ولا يستطيع أن يخرج من البيت وهو يتقاطر منه الماء، أو اغتسل والأمر أشد في الشتاء وأراد أن يتنشف لا أحد يمنعه من ذلك، ولو قيل بأن هذا لا سيما إذا كان الضرر يغلب على الظن بل قد يوجب التنشف، إذا كان الضرر غالباً على الظن، يعني إذا اغتسل وخرج في الشتاء وغلب على ظنه أنه يتضرر يجب عليه أن يتنشف، وعلى كل حال المسألة مسألة حاجة، فإذا وجدت الحاجة فلا مانع من التنشف البتة، وإذا انتفت هذه الحاجة فلا شك أن التنشف خلاف الأولى؛ ليترك الماء يتقاطر من أعضاء الوضوء ليخرج من ذنوبه نقياً، لتخرج خطاياه مع الماء أو مع آخر قطر الماء، وهذا هو المتجه في مثل هذا.
سم.
عفا الله عنك.
حدثنا جعفر بن محمد بن عمران الثعلبي الكوفي قال: حدثنا زيد بن حباب عن معاوية بن صالح عن ربيعة بن يزيد الدمشقي عن أبي إدريس الخولاني وأبي عثمان عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((من توضأ فأحسن الوضوء ثم قال: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، اللهم اجعلني من التوابين، واجعلني من المتطهرين، فتحت له ثمانية أبواب الجنة يدخل من أيها شاء)).
وفي الباب عن أنس وعقبة بن عامر، حديث عمر قد خولف زيد بن حباب في هذا الحديث، وروى عبد الله بن صالح وغيره عن معاوية بن صالح عن ربيعة بن يزيد عن أبي إدريس عن عقبة بن عامر عن عمر وعن ربيعة عن أبي عثمان عن جبير بن نفير عن عمر، وهذا حديث في إسناده اضطراب، ولا يصح عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في هذا الباب كبير شيء، قال محمد: وأبو إدريس لم يسمع من عمر شيئاً.
يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-: