قرر الصنعاني -رحمه الله- في كتابه: (ثمرات النظر) أن أهل الحديث قبلوا رواية الروافض هل هذا يوافق عليه؟
البدع عموماً منها الصغرى ومنها الكبرى، والمبتدعة منهم الغالي في بدعته، ومنهم المتوسط فيها، فهم يقبلون رواية المبتدع بدعة صغرى، ويقبلون رواية غير الغلاة من المبتدعة، وغير الدعاة منهم، على أن هذا الكلام أيضاً ليس على إطلاقه، قد ينتقون من أحاديث الدعاة، وقد ينتقون من أحاديث بعض الغلاة، وكلام الحافظ الذهبي في أوائل الميزان في ترجمة أبان بن تغلب، كلام واضح في رواية الأئمة عن المبتدعة، ولا شك أن كتب السنة طافحة بالرواية عنهم، حتى الصحيحين، فيها رواية مبتدعة، لكن هل فيها رواية من عرف بالرفض الكامل؟ أبداً، مثل هذا لا يروى عنه ولا كرامة، لكن من فيه تشيع، أو فيه شيء من النصب، ميل إلى الصحابة وجفاء لبعض أهل البيت مثل هذا يروون عنه، وأما الخوارج فهم يخرجون أحاديثهم، حتى أن البخاري خرج لعمران بن حطان وهو من غلاتهم ودعاتهم؛ لأن الخوارج كما قرر أهل العلم عرفوا بصدق اللهجة، ومدار الرواية على الصدق، فإذا عرف المبتدع بصدق اللهجة فإنه يخرج عليه، مع أن الحافظ دافع عن البخاري في روايته عن عمران بن حطان بما ذكرنا بأن الخوارج يرون أن المرتكب للكبيرة كافر، فيتحاشون من الذنوب أكثر من غيرهم لا سيما الكذب، والكذب على النبي -عليه الصلاة والسلام- كبيرة من عظائم الأمور يكفر من ارتكبها عندهم، فهم يتاحشون في ذلك، ويوصفون بصدق اللهجة، والعيني في عمدة القاري استدرك على ابن حجر فقال: أي صدق في لهجة مادح قاتل علي؟ أي صدق في لهجة مادح قاتل علي؟ عمران بن حطان مدح عبد الرحمن بن ملجم في قصيدة مشهورة فهل مثل هذا يستحق أن يوصف بصدق اللهجة؟ نقول: صدق فيما يعتقد، هذه عقيدة عندهم، ومدح من يعتقد أنه ينصر الدين، وهذا ما أداه إليه اجتهاده وإن كان اجتهاد باطل، لكنه ما زال محافظ على صدق اللهجة، ينصر ما يراه الحق، وعرف الخوارج من بين المبتدعة بالصدق.
يقول: رجح الصنعاني أن العبرة في الرواية هي ظن صدق الراوي وضبطه، وأن هذا شرط متفق عليه، وأن ما عدا الكذب لا يقدح به الراوي في روايته هل هذا صحيح؟