قال أبو محمد -هو الدارمي-: يريد به تفسير "مسح" الأول، هذا نص رواية الدارمي وهو إمام ثقة حجة، وشيخه يحيى بن حسان كان ثقة مأموناً عالماً بالحديث، وقد فهم الدارمي الحديث على وجهه، وأنه كرواية عمرو بن الحارث، ولذلك جعل عنوان الباب الذي ذكره فيه: "باب: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يأخذ لرأسه ماء جديداً، وروه أحمد في المسند مرتين عن موسى بن داود عن ابن لهيعة، وفيه: "بماء غير فضل يديه" ورواه أيضاً مرة ثالثة عن الحسن بن موسى عن ابن لهيعة قريباً من رواية الدارمي، ورواه مرة رابعة عن علي بن إسحاق وعتاب عن ابن المبارك عن ابن لهيعة، وفيه: "بماء من غير فضل يديه" فظهر لنا من كل هذا أن نقل الترمذي عن ابن لهيعة أن روايته مخالفة لرواية ابن الحارث نقل غير صواب، والله أعلم ما رأيكم في هذا الكلام؟ الشيخ أحمد -رحمه الله- من أهل التحري وأهل التحقيق، لكن أين مقام أحمد شاكر من مقام الترمذي في عصر الرواية؟! عاصر الرواة، وعرف ألفاظهم، ونقل من أفواههم، هذا التصحيف الذي جاء في كتاب الترمذي ألا يمكن أن يسري على كتاب الدارمي؟ التصحيف بين (غير وغَبَر أو غُبْر) كما وجد في كتاب الترمذي يوجد في كتاب الدارمي، ونخطئ إمام من أئمة المسلمين في فهمه وقد تلقى الحديث مشافهة من الرواة، ما اعتمد على صحف مثلنا إحنا وجدنا هذه الأحاديث في هذه الكتب، يعني غاية ما عندنا أننا نقارن رواية هذا برواية هذا، ونوجد فروق، ونرجح ما نميل إليه، ويظهر لنا حسب اجتهادنا بقدر ما أوتينا من فهم، لكن الوضع يختلف عندنا وعندهم، هم تلقوا الأحاديث بالمشافهة، فكيف يجرأ الشيخ أحمد شاكر على إمام حافظ مثل الترمذي ويقول: إنه أخطأ في فهم الحديث، نعم الترمذي ليس بمعصوم، وقد يوجد عند المتأخر شيء من يوفق لفهم معين قد يخفى على من قبله، هذا ما في إشكال ((ورب مبلغ أوعى من سامع)) لكن يبقى أن الجرأة والتخطئة لإمام بهذه الطريقة، الأخطاء والأوهام ما سلم منها أحد، لكن لأننا وجدنا في الترمذي وفي مسند أحمد ما يقتضي هذا أننا نخطأ، تعقيب الترمذي بالتخطئة والتوهيم والترجيح لرواية عمرو بن الحارث على رواية ابن لهيعة دل على أنه تلقاها مشافهة فمثل هذه الجرأة