فهم، فقال: لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول قراءة ولا في أخرها، صرح بما فهمه من المتن من النص، أولاً: هو فهم من الراوي ثم بعد ذلك لما فهم صرح بفهمه بناء على جواز الرواية بالمعنى، وفي هذا يقول الحافظ العراقي:
وعلة المتن كنفي البسملة ... إذ ظن راوٍ نفيها فنقله
وابن حجر يقول: إنه يحمل عدم الذكر على عدم الجهر، يعني لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم جهراً في أول قراءة ولا في أخرها، ومثل هذا يستحسن صيانة للصحيح، فهنا الراوي لما سمع أن النبي -عليه الصلاة والسلام- يقبل بيده ويدبر أنه يمسح مرتين، مرة للإقبال ومرة للإدبار، وهذا تحريف معنوي، هذا ما قاله ابن العربي في العارضة، بدأ بمؤخر رأسه ثم بمقدمه، الرواية هنا (ثم) الراوية الأولى أقبل وأدبر، نقول: الواو لا تقتضي الترتيب لكن (ثم) إذا أثبتنا هذه الرواية لا بد أن نقول: إنه يبدأ بمؤخر الرأس، كما قلنا في السابق: إنه يبدأ بمقدمه، بدأ بمؤخر رأسه ثم بمقدمه، ولا شك أن الحديث السابق حديث عبد الله بن زيد أرجح؛ لأنه في الصحيحين، فمقدم على هذا الحديث ولذا قال أبو عيسى: "هذا حديث حسن وحديث عبد الله بن زيد أصح من هذا وأجود إسناداً" لأنه في الصحيحين، وحسن حديث الباب للكلام المذكور في عبد الله بن محمد بن عقيل الذي تقدم، ومثله يحسن له.
"بدأ بمؤخر رأسه ثم بمقدمه" إذا قلنا: بالترجيح رجحنا حديث عبد الله بن زيد كما فعل الإمام الترمذي، وإذا قلنا كما قال بعضهم أنه ثبت مثل هذا الفعل بالبداءة بمؤخر الرأس لبيان الجواز، وأنه لا مانع من أن يبدأ بمقدم الرأس أو بمؤخره، الأمر فيه سيان، المقصود أنه يعم الرأس مرتين ذهاباً وإياباً، لا أن المسح يكون مرتين إنما الإقبال والإدبار يكون مرتين، الذهاب مرة والإياب مرة، والفائدة من الإقبال والإدبار والمسح ذهاب وإياب، قالوا: ليعم المسح الشعر، ما أقبل منه وما أدبر، يعني الجهة؛ لأن كل شعرة لها جهات، الشعرة له جهات، يعني لو مسحه مرة من هنا إلى الآخر ما أدبر به مرة ثانية كان مسح وجه واحد للشعر، لكن لما أعاده مسح الوجه الثاني من الشعر.