"باب: ما جاء في مسح الرأس" مسح الرأس فرض من فروض الوضوء، لا يصح إلا به، وهو منصوص عليه في آية الوضوء، وأيضاً في جميع الأحاديث التي جاءت عن النبي -عليه الصلاة والسلام- في صفة وضوئه بياناً لما أمر الله به -جل وعلا-، فمسحه فرض لا يصح الوضوء إلا به، والمراد بمسحه مسح جميعه كما هو الأصل في الإطلاق، وأن الباء فمسحوا برؤوسكم هذه للإلصاق، يعني أنه لا بد من المسح، وإنه لا يكفي مسحه هواء، وأنه لا بد أن يسمح بالماء خلافاً لمن قال: إنها للتبعيض، وأنه يكفي مسح بعضه، والآية وإن كانت مجملة فقد بينت بفعله -عليه الصلاة والسلام-، وبيان الواجب واجب، ولم يذكر في حديث واحد أنه -عليه الصلاة والسلام- اقتصر على مسح بعض الرأس، وأعني بذلك الرأس المكشوف على ما سيِأتي في مسح العمامة.
"أنه يبدأ بمقدم الرأس" يعني بيان كيفية المسح، وأنه يُبدأ بمقدم الرأس، أو يَبدأ بمقدم الرأس ذاهباً إلى مؤخره، والمؤلف في الترجمة بيّن ما جاء في الأحاديث في معنى الذهاب، ذهب بهما، وأقبل بهما وأدبر، وما يحتمله من البداءة بالمقدم أو بالمؤخر، فالمؤلف بيّن بهذه المقدمة أن البداية تكون بمقدم الرأس، وإن كان في قوله: "أقبل بهما وأدبر" ما يفهم منه عكس ذلك.
يقول -رحمه الله-: