لصحة الوضوء، نعم شرط، لكن بالنسبة لك أنت ما هي بشرط، يكفي أنك تروح للمغتسل المغسلة وتغسل أطرافك، وهذا هو الوضوء وهذه هي نيته. يذكر عن امرأة كبيرة في السن أنها تسرف في الماء وتتوضأ مراراً، فقال لها ابنها: أنا أدعو الشيخ فلان وهو قدوة مقنع بالنسبة لها ولولدها ولأهل بلدها، فقالت: أبداً إذا توضأ الشيخ وشفت وضوءه اقتنعت، فأحضر للشيخ ماء للوضوء قليل جداً، ثم لما توضأ وهي تنظر فقال لها: اقتنعتِ؟ قالت: هي بحاجة إلى أن تعيد الصلوات التي صلتها خلفه، فمثل هذا يحتاج الإنسان أن يتقيه، ووقع فيه بعض طلاب العلم مع الأسف، ولا أبالغ أنني شاهدت بعض أهل العلم الكبار وقعوا في شيء منه يغسل العضو عشر مرات، وهم الكبار، والداعي إلى ذلك في بداية الأمر الحرص على الخير، وهذه من حبائل الشيطان، قد يوقع الإنسان في هذا الباب، من حرصه على الخير أن يزيده من هذا الأمر حتى يقع في البدعة.
وذكر عن ابن دقيق العيد والحافظ العراقي أنهم يبالغون في الوضوء، ويغسلون العضو مرات، وقالوا: إن هذا لا يخرجهم عن المشروع، وإنما هو من باب الاحتياط، وشيخ الإسلام -رحمه الله- يقول: إذا أدى الاحتياط إلى ارتكاب محظور أو ترك مأمور فالاحتياط في ترك هذا الاحتياط، وهو وسواس وبدعة من أي شخص صدر، والأمر محدد شرعاً لا يجوز أن نزيد عليه.
عفا الله عنك.
حدثنا أبو كريب قال: حدثنا عبدة بن سليمان عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة، قال:
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة)).
قال أبو عيسى: وقد روى هذا الحديث محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم عن أبي سلمة عن زيد بن خالد عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وحديث أبي سلمة عن أبي هريرة وزيد بن خالد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- كلاهما عندي صحيح؛ لأنه قد روي من غير وجه عن أبي هريرة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- هذا الحديث، وحديث أبي هريرة إنما صح لأنه قد روي من غير وجه، وأما محمد بن إسماعيل فزعم أن حديث أبي سلمة عن زيد بن خالد أصح.