نعم الطهارة الحكمية، الطهارة الحكمية منتفية، وقد يقول قائل: إنه قد يحمل على الطهارة الحقيقية، بمعنى أن الروث ركس، والركس هو الرجس، والرجس النجس، فالنجس لا يطهر يزيد المحل نجاسة، لا سيما إذا كانت روثة حمار كما في الحديث السابق، لكن إذا كانت روثة مأكول اللحم لا يتجه إلى القول بأنها طهارة حكمية، أما الطهارة الحقيقية فقد تحصل، هذا بالنسبة للروث، بالنسبة للعظم قد تحمل الطهارة على الحقيقية، وهي فيما إذا كان العظم طري أملس لا يزيل النجاسة، لكن إذا كان خشن يزيل النجاسة حقيقة يبقى أنه لا يزيلها حكماً، وعلى هذا النهي عن الاستنجاء بالروث والعظام لذات المنهي عنه أو لأمر خارج؟ لأنه قد يقول قائل: النهي ثابت والتحريم حاصل والإثم لازم، لكن ما وجدت إلا هذا وتنظفت، تصح الطهارة حينئذٍ وإلا لا؟
عرفنا أنه إذا كان النهي عائد إلى ذات المنهي عنه أو إلى شرطه فإن العبادة تبطل، أو العقد أيضاً يبطل مع التحريم، إذا عاد إلى أمر خارج فإنه يصح مع التحريم، فالنهي هنا لذات المنهي عنه إذا قلنا: العلة فإنهما لا يطهران، صار لذات المنهي عنه؛ لأنه لا يطهر، أما إذا عللنا بأنه زاد إخواننا من الجن قلنا: النهي لأمر خارج فيحصل التطهير به مع التحريم، وإذا ثبتت رواية: "فإنهم لا يطهران" وهي عند الدارقطني، وأثبتها بعضهم انتهى الكلام، لكن لو لم يرد في النص إلا حديث الباب: ((فإنها زاد إخوانكم من الجن)) قلنا: النهي زاد لأمر خارج عن العبادة، ولا ارتباط له بها كمن صلى بعمامة حرير أو خاتم ذهب أو مسبل لا أثر لذلك على الصلاة وإن كان محرماً.
يقول الإمام -رحمه الله تعالى-: "في الباب عن أبي هريرة" وهذا عند الإمام البخاري "وسلمان" عند مسلم والأربعة "وجابر" عند مسلم "وابن عمر".