"عن أبان بن صالح عن مجاهد" بن جبر المكي المفسر القارئ المعروف "عن جابر بن عبد الله" بن عمرو بن حرام السلمي صحابي ابن صحابي "قال: نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- أن نستقبل القبلة ببول، فرأيته قبل أن يقبض بعام يستقبلها" وهذا الحديث مخرج في المسند، وعند أبي داود وابن ماجه والبزار وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم، فهو مصحح، لكن يبقى أن فيه ابن إسحاق، وابن إسحاق الكلام فيه كثير لأهل العلم، والإمام ملك رماه بالكذب قال: دجال، ووثقه جمع غفير من أهل العلم، وتوسط فيه آخرون فقالوا فيه: صدوق، يعني يقبل حديثه، لا يرتقي إلى درجة الصحيح، ولا ينزل عن درجة الحسن، ومع ذلك هو يدلس فلا بد أن يصرح، فلا بد أن يصرح بالتحديث، وفي رواية أحمد صرح بالتحديث، فأمن ما كان يخشى من تدليسه "نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- أن نستقبل القبلة ببول، فرأيته قبل أن يقبض بعام يستقبلها" واستدل بهذا الحديث من قال بجواز ذلك مطلقاً، وجعل حديث جابر ناسخاً لأحاديث النهي، وهو عمدة من يقول بالجواز مطلقاً كعروة وربيعة وداود الظاهري.

"وفي الباب عن أبي قتادة" مخرج عند الترمذي "وعائشة" عند أحمد "وعمار بن ياسر" عند الطبراني في الكبير.

"قال أبو عيسى: حديث جابر في هذا الباب حديث حسن غريب" وعرفنا في درس الأمس ما في الجمع بين الحسن والغرابة من إشكال، حسن غريب وهو معارض بحديث أبي أيوب السابق وهو أصح منه، لكنه موافق من جهة، وأن النهي كان موجود وليس فيه ما ينفي النهي لتتم المعارضة عند من يقول بها، فهو مثبت للنهي لكنه رافع لهذا النهي في آخر الأمر، وعلى كل حال الذين يرون المنع مطلقاً يقول: إن العلة وهو تعظيم الجهة موجودة لم ترتفع فيرتفع الحكم المنوط بها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015