"وقد روي عن غير واحد من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- أنهم كانوا يصلون قبل صلاة المغرب ركعتين بين الأذان والإقامة، وقد روي عن غير واحد من أصحاب النبي -عليه الصلاة والسلام- أنهم كانوا يصلون قبل صلاة المغرب ركعتين بين الأذان والإقامة" أي في عهده -عليه الصلاة والسلام-، وبحضرته، وبعد وفاته، وكذلك روي عن غير واحد من التابعين، وعن تبعهم بإحسان، ففي الصحيحين عن أنس بن مالك قال: "كان المؤذن إذا أذن قام ناس من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- يبتدرون السواري، حتى يخرج النبي -صلى الله عليه وسلم- وهم كذلك، يصلون الركعتين قبل المغرب".
يقول ابن العربي في شرح الترمذي عارضة الأحوذي: "الحديث فيه صحيح عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، يعني: ((بين كل أذانين صلاة)) الحديث صحيح عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، في كل صحيح ومسند، واختلف فيه الصحابة، ولم يفعله بعدهم أحد، يعني بالنسبة لصلاة المغرب، وأظن الذي منع منه المبادرة بالإقبال على صلاة المغرب" كذا قال ابن العربي.
يقول المحشي -الشيخ أحمد شاكر-: "وهذا تعليل غريب لمخالفة الأحاديث الصحاح، وهو يعترف بصحتها، وصدق يحيى بن آدم: "لا يحتاج مع قول رسول الله إلى قول أحد" يحيى بن آدم يقول هذا الكلام، ونحن نعاني في أيامنا هذا من مصادمة النصوص الصحيحة الصريحة المرفوعة بأقوال وأفعال لصحابة وتابعين هم منا على العين والرأس، لكن بالنسبة لمخالفة ما جاء عن النبي -عليه الصلاة والسلام- لا يلتفت إلى أقوالهم ولا إلى أفعالهم، وكم عورض قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((أعفوا اللحى)) ((أكرموا اللحى)) ((وفروا اللحى)) بفعل فلان وفلان، وغير ذلك من المسائل، يتذرعون بالترخص أو على الترخص بأفعال صحابة، المظنون بهم أنهم لم يبلغهم كلامه -عليه الصلاة والسلام-، وإلا لو بلغهم لما خالفوه.
وضعف صنيع عائشة في جمعها، أو في إتمامها الصلاة في السفر؛ لأنه لا يظن بها أنها تفعل خلاف ما عهدت النبي -عليه الصلاة والسلام- عليه، وهذا كلام شيخ الإسلام، وإن كان السند إليها صحيحاً بأنها أتمت الصلاة، وتأولت كما تأول عثمان، لكن لا عبرة بقول أحد كائناً من كان مع قوله -عليه الصلاة والسلام-.