قال: "وقد روى غير واحد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه صلى بعد العصر ركعتين" يعني ما جاء في هاتين الركعتين من الروايات كثير، وفيه نوع اختلاف واضطراب، فمن مثبت ومن نافٍ، ومن نفى معه الأصل، وهو النهي عن الصلاة في هذا الوقت، ومن أثبت رجحه بعض العلماء بأن المثبت مقدم على النافي، وأن النافي غاية ما عنده أنه لم يطلع، والمثبت اطلع، فعنده زيادة علم "وهذا خلاف ما روي عنه أنه نهى عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس" ولا شك أن النهي من قوله -عليه الصلاة والسلام-، وصلاة الركعتين بعد العصر من فعله، وفعله لا يعارض قوله؛ لأنه إذا اختلف القول مع الفعل قدم القول بالنسبة للأمة، وحمل الفعل على أنه من خصوصياته -عليه الصلاة والسلام-، وقد قيل بأن صلاة الركعتين بعد العصر من خصائصه على ما سيأتي "وحديث ابن عباس أصح حيث قال: لم يعد لهما" لم يعد لهما، هذا نافي، مع أنه وجد من يثبت، والقاعدة عند أهل العلم أن المثبت مقدم على النافي، نقول: صلاة الركعتين بالنسبة له -عليه الصلاة والسلام- ثابتة، ما فيها إشكال، لكنها من خصائصه؛ لأن الذي يخصنا هو القول، فعله إذا لم يعارض الفعل حجة، وهو القدوة وهو الأسوة، لكن إذا تعارض قوله مع فعله ففعله يحمل على أنه خاص به، وقوله بالنسبة لأمته ظاهر.
"وقد روي عن زيد بن ثابت نحو حديث ابن عباس" رواه أحمد في المسند.