قال المؤلف -رحمه الله تعالى-:
حدثنا قتيبة قال: حدثنا الليث عن نافع عن ابن عمر -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: ((الذي تفوته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله)) وفي الباب عن بريدة ونوفل بن معاوية.
حديث ابن عمر حديث حسن صحيح، وقد رواه الزهري أيضاً عن سالم عن أبيه عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فيقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
. . . . . . . . . صلاة العصر، الترمذي -رحمه الله- حمل حديث الباب الذي تفوته صلاة العصر على الساهي لا على المتعمد، وأما المتعمد فشأنه أعظم، من ترك العصر فقد حبط عمله، فالترمذي -رحمه الله- حمله على الساهي، وهل المراد بالحديث الذي تفوته صلاة العصر يعني يفوته وقت الاختيار أو يفوته وقت الاضطرار بكامله فيقضيه قضاء؟ يأتي الكلام فيه، إذا حملناه على الساهي والسهو عذر، والسهو والنسيان بمعنىً واحد، ((من نام عن صلاة أو نسيها فليصليها إذا ذكرها لا كفارة لا إلا ذلك)) على ما سيأتي -إن شاء الله تعالى-.
المقصود أنه إذا حملناه على الساهي كما فعل الترمذي فإن المراد بهذا الخلل الذي يقع له ((وكأنما وتر أهله وماله)) لما يحصل له من الأسف والأسى عند معاينة الثواب لمن صلى الصلاة في وقتها أو في أول وقتها، يلحقه من الأسف والأسى مثل أو نظير ما يلحق من فقد أهله وماله، وإذا كان هذا الأسف وهذا الأسى يلحق الساعي فما شأن العامد، ولا شك أن أمره أشد، ولذلك جاء فيه: من ترك العصر فقد حبط عمله، والعصر أمرها شديد، والتشديد فيها مع صلاة الصبح، والترغيب في فعلها في وقتها جاء في أحاديث أكثر من أن تحصر، والعصر هي الصلاة الوسطى على ما سيأتي -إن شاء الله تعالى- في قول جماهير أهل العلم التي جاء التنصيص على المحافظة عليها عطفاً على العام: {حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى} [(238) سورة البقرة].
قال -رحمه الله-: