((إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة)) وقلنا: إن المراد بها الجهة عند الجمهور، وعند الشافعي العين، إصابة العين، ((فلا تستقبلوا القبلة بغائط)) جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من ضمير "لا تستقبلوا"، أي لا تستقبلوا القبلة حال كونكم مقترنين بغائط أو متلبسين بغائط أو بول أو فاعلين أو غير ذلك مما يصح تقديره حالاً في مثل هذا، ((بغائط ولا بول، ولا تستدبروها)) يعني لا تتجهوا إليها بوجوهكم، ولا تجعلوها دبركم، ولا تستدبروها، يعني مستقبلين ولا مستدبرين ((ولكن شرقوا أو غربوا)) يعني توجهوا إلى جهة المشرق أو إلى جهة المغرب، توجهوا إلى جهة المشرق أو إلى جهة المغرب، وهذا الخطاب لأهل المدينة؛ لأن أهل القبلة بالنسبة لهم إلى جهة الجنوب، فمن كان في المدينة أو على سمتها مما هو شمال الكعبة أو في الجهة التي تقابلها، ممن هو جنوب الكعبة هذا ينهى عن أن يستقبل الكعبة أو يستدبرها متجهاً إلى الشمال أو الجنوب في الجهتين، ولا ينهى حينئذٍ من استقبال المشرق أو المغرب، أما من كان في جهة المشرق مثلاً كنجد أو في المغرب كمصر مثل هذا لا يقال له: شرق أو غرب، إنما ينهى عن الاستقبال والاستدبار، ولكن يشمل أو يجنب، يتجه إلى جهة الجنوب أو إلى جهة الشمال؛ لأنه إذا شرق أو غرب فإنه حينئذٍ يكون مستقبلاً للكعبة أو مستدبراً لها، فهذا الخطاب خاص بأهل المدينة ومن كان على سمتها أو مقابلاً لها، في قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((ولكن شرقوا أو غربوا)) فيه ما يرد على من منع استقبال النيرين معللاً ذلك بما فيهما من نور الله، والحديث صريح في الرد عليه؛ لأنه إذا شرق أو غرب استقبل، فإن شرق في أول النهار استقبل الشمس، وإن غرب في أخر النهار استقبل الشمس، وكذلك القمر، ولا يوجد ما يدل على المنع من ذلك ولا العلة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015