قال -رحمه الله-: "حدثنا قتيبة قال: حدثنا عبد الله بن وهب عن سعيد بن عبد الله الجهني" يقول ابن حجر: مقبول، وسيأتي راوٍ آخر قيل فيه: لين، سيأتي هذا الراوي -إن شاء الله تعالى-، قيل فيه: لين، والذي معنا مقبول، وتكلمنا في الفرق بين الاصطلاحين مراراً، لكن لا مانع من التذكير به.
متى يقال للراوي: مقبول؟ ومتى يقال له: لين؟ ابن حجر في مقدمة التقريب قال: "من ليس له من الحديث إلا القليل، ولم يذكر في حقه ما يترك حديثه من أجله، فإن توبع فمقبول وإلا فلين" يعني ما في فرق بين الراوي المقبول والراوي اللين إلا أن هذا توبع وهذا لم يتابع، وقلت مراراً: إن هذا مشكل، لماذا؟ لأن الحكم يكون على الحديث لا على الراوي، الراوي لا يتغير وضعه، وصفه لا يتغير إذا كنا نحكم على راوي، بغض النظر هل تابعه غيره أو لم يتابعه، الذي يتأثر المروي، فإن توبع راويه ارتقى، لكن الراوي ما يرتقي، وإن لم يتابع بقي في حيز الضعيف.
اللين هذا الذي ضعّف وقيل فيه: لين إن توبع صار مقبول، والمقبول هذا إن لم يتابع في بعض حديثه صار ليناً، فلا شك أن هذا الاصطلاح مشكل؛ لأن الحكم على الرواة لا على المرويات، ومن خلال الحكم على الرواة يأتي الحكم على المروي، نعم قد يقول قائل: إن ضبط الراوي إنما يعرفه أهل العلم بمتابعة الثقات له، وبموافقته لهم.
ومن يوافق غالباً ذي الضبطِ ... فضابطٌ أو نادراً فمخطئ
يعرف ضبط الراوي بمقارنة حديثه لأحاديث الثقات، فإن وافقهم فهو ضابط، وإن خالفهم فهو غير ضابط، لكن مع ذلك الحكم على الراوي بأنه مقبول لا شك أنه حكم على المروي، اللهم إلا إذا كان ليس له إلا هذا الحديث فيتلازم الحكم على الراوي مع الحكم على المروي، لكن قد يكون له عشرة أحاديث توبع على خمسة وخمسة لم يتابع عليها، فهل نقول في الراوي في هذا الموضع: لين، وفي الموضع الثاني: مقبول؟ لا، هذا اضطراب في الحكم.