((من سره أن يقرأ القرآن رطباً)) وفي رواية: ((غضاً كما أنزل فليقرأ بقراءة ابن أم عبد)).
وذكر الحافظ ابن كثير -رحمه الله- في البداية والنهاية من ترجمة الحجاج أنه قال: "وددت أن أحك قراءة ابن أم عبد بضلع خنزير" ابن أم عبد ابن مسعود له قراءات تفسيرية، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يغري بقراءة ابن أم عبد والحجاج يقول هذا الكلام، مع أنه -نسأل الله السلامة والعافية- له عناية بالقرآن، الحجاج له عناية بالقرآن، وله ورد كبير من القرآن في كل ليلة، يقرأ في كل ليلة ربع القرآن، لكن مع ذلك يقول مثل هذا الكلام.
قال -رحمه الله-: "وقد اختلف أهل العلم من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- والتابعين ومن بعدهم في السمر بعد صلاة العشاء الآخرة، فكره قوم منهم السمر بعد صلاة العشاء" يعني قد يقول قائل: يتعجب الإنسان حينما يعرف عن بعض الناس هذه العناية بكلام الله وهو الذي نقط المصاحف، وشكلها، وأعجمها، وله ورد في كل ليلة ربع القرآن يقرأ ثم يقول مثل هذا الكلام، والمسألة إنما هي الفتن تورث مثل هذا وأعظم؛ لأنه ليس مثل هذا بأعجب من قتل الخليفة بين المهاجرين والأنصار في قعر داره، الذي شهد له النبي -عليه الصلاة والسلام- بالجنة، وتستحي منه ملائكة الرحمن، والمهاجرون والأنصار متوافرون في المدينة، ويقتل ويمكث ثلاث ليال ما دفن، وينزل عليه في قبره ويكسر ضلعه يدفن بالليل، هذه هي الفتن، نسأل الله السلامة من الفتن ما ظهر منها وما بطن، وإلا كيف يقول قائل مثل هذا، مثل هذا الكلام؟! الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: ((من سره أن يقرأ القرآن غضاً كما أنزل فليقرأ بقراءة ابن أم عبد)) وهذا يقول: وددت أن أحك قراءة ابن مسعود بضلع خنزير.
المسألة مسألة تدرج، فعلى الإنسان أن يكون راسخاً ثابتاً، لا يتنازل في بداية الطريق ثم يضطر إلى التنازل ثم التنازل إلى أن يجد نفسه لا شيء، يعني من يتصور مسلم يقول: لا إله إلا الله، يقول في سجوده: سبحان ربي الأسفل؟ شيء لا يمر على عاقل فيستسيغه، يعني شيء لا يتصوره مسلم فضلاً عن أن ينطق به، إنما هي الفتن يجر بعضها بعضاً، والسيئة تقول: أختي أختي، ويقول القائل: