"وقد كره أكثر أهل العلم النوم قبل صلاة العشاء والحديث بعدها ورخص في ذلك بعضهم" يقول ابن حجر: "من نقلت عنه الرخصة قيدت بما إذا كان له من يوقظه" يعني الإيقاظ الذي يترتب عليه الاستيقاظ، بعض الناس لا يستيقظ إلا بمشقة وجهد شديد، فيقول: أنام قبل صلاة العشاء وأركب المنبه، أضبط المنبه، وهو يعرف أنه لن ينتبه بالمنبه، يقول: بذلت السبب والباقي على الله -جل وعلا-، نقول: أنت ما بذلت السبب؛ لأن هذا السبب ليس بكافي، ابذل السبب الذي تترتب عليه آثاره من الاستيقاظ، وأنت تعرف أنك لا تستيقظ بالمنبه لا يكفي هذا السبب.
يقول: "من نقلت عنه الرخصة قيدت بما إذا كان له من يوقظه، أو عرف من عادته أنه لا يستغرق في النوم" يعني بعض الناس نومه خفيف، يعني تجد بعض الطلاب ليالي الامتحان يذاكرون في المساجد، ويجتمعون، فبعضهم يقول: أريد أن أنام عشر دقائق ربع ساعة لأرتاح قليلاً، وتجد بالفعل يضع رأسه ثم بعد ربع ساعة يرفع رأسه، وبعض الناس يريد أن يصنع ذلك فلا يوقظ إلا للامتحان، الناس يتفاوتون، إذا عرف من عادته أنه لا يستغرق في النوم لا مانع؛ لأن المسألة مسألة الخشية على فوات الجماعة، أو الخشية على فوات أمر مطلوب شرعاً.
"ورخص في ذلك بعضهم، وقال عبد الله بن المبارك: أكثر الأحاديث على الكراهية" كراهية النوم قبل صلاة العشاء والحديث بعدها "ورخص بعضهم في النوم قبل العشاء في رمضان" استعداداً لصلاة العشاء وما بعدها من قيام الليل، إذا كان النوم من أجل الاستعداد للصلاة فلا شيء فيه، بل قد يكون مطلوباً؛ لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب، وما لا يتم المستحب إلا به فهو مستحب، إذا كان لا يتسنى له الإقبال على صلاته إلا بالنوم يقال له: نم، لكن لا يترتب على هذا ارتكاب محظور أو ترك مأمور.