قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الرحمن بن شماسة عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أنه قال: (سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: لا يدخل الجنة صاحب مكس)].
أورد أبو داود حديث عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يدخل الجنة صاحب مكس)، وصاحب المكس فسر بأنه الذي يأخذ من سلع الناس ومن الأشياء التي يبيعونها، والمكس هو النقص؛ سمي بذلك لأنه ينقصهم ويأخذ منهم شيئاً لا يجب عليهم، فيكون ذلك مكساً أي: نقصاً في حقهم، وهذا ظلم لهم.
وقيل: إن المقصود من ذلك: أنه يأخذ منهم زيادة على الزكاة، فيأخذ شيئاً غير واجب يختص به الساعي، وهذا ظلم، ولعل هذا هو وجه إيراد أبي داود لهذا الحديث في باب السعاية؛ لأن السعاية حق، وأخذ الأجرة على ذلك سائغ، وقد جاء في القرآن ما يدل عليه، وكذلك جاء في السنة ما يدل عليه، والمكس أن يأخذ العامل شيئاً غير الواجب لنفسه أو للدولة، وهذا ظلم وغير سائغ وغير جائز.
ولعل إيراد الحديث في هذا الباب من أجل أن السعاية قد تكون بحق وقد تكون بباطل، فإذا كانت بحق فإن ذلك أخذ لما هو واجب، والذي عليه الواجب يكون أدى ما عليه، والساعي قام بما يجب عليه، فلم يظلم الأغنياء بأن يأخذ أكثر مما يجب عليهم، ولم يظلم الفقراء بأن يأخذ من الأغنياء شيئاً أقل مما هو واجب عليهم، ولا يأخذ شيئاً أكثر من ذلك، لا لنفسه ولا للدولة؛ لأنه يكون بذلك ظالماً لمن أخذ منهم.
هذا الحديث ضعفه الألباني، ولعل ذلك من أجل محمد بن إسحاق، فإنه مدلس وقد عنعن.