قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب كيف التكشف عند الحاجة.
حدثنا زهير بن حرب حدثنا وكيع عن الأعمش عن رجل عن ابن عمر (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد حاجة لا يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض)].
أورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة بعنوان: باب كيف التكشف عند الحاجة.
يعني: كيف يكون؟ هل يكون إذا دنا من الأرض، أو يكون واقفاً قبل أن يدنو من الأرض؟ والمقصود من ذلك: أنه يكشف عورته إذا قرب من الأرض لا يكشفها وهو قائم؛ لأن هذا أستر له، وهذا هو المقصود من الترجمة.
وقد أورد حديث ابن عمر: (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد حاجة لا يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض)، يعني: حتى يقرب من الأرض، ولا شك أن هذا الذي دل عليه الحديث فيه التستر، وفيه عدم تعريض العورة لرؤيتها إذا كشفها الإنسان وهو قائم؛ لأنه قد يُرى في حال القيام ما لا يُرى في حال الجلوس، فالإنسان قد تكون أمامه سترة قصيرة فإذا جلس ودنا من الأرض سترته، لكنه لو كشف وهو قائم فإنه يرى من فوق هذه السترة.
فالتستر يقتضي أن الإنسان لا يرفع ثوبه إلا إذا دنا من الأرض، وهذا الحديث يدل على ذلك.
وهذا الحديث قال عنه الألباني: صحيح، وفي إسناده رجل مبهم، وقد ذكر في عون المعبود: أنه القاسم بن محمد، وقيل: إنه شخص آخر ضعيف، والألباني صححه، ولا أدري هل هذا التصحيح لوجود شواهد أخرى أو أن هناك شيء يوضح هذا الرجل وأنه القاسم بن محمد، فإذا كان الرجل المبهم هو القاسم بن محمد فهو أحد فقهاء المدينة السبعة في عصر التابعين، ولا أدري ما هو المستند في بيان أنه القاسم بن محمد، ولكن قد قيل أيضاً: إنه شخص آخر، وأظنه إياس بن إبراهيم وهو ضعيف.
فما أدري ما وجه التصحيح عند الشيخ الألباني، ولكن المعنى لا شك أنه صحيح ومستقيم، وأن حفظ العورة وعدم كشفها يقتضي ألا تكشف إلا في حدود ما هو على قدر الحاجة، ومن المعلوم أن قدر الحاجة يحصل أو يتم حين يدنو الإنسان من الأرض، وأنه قد يحصل في حال كشفه في القيام قبل أن يدنو من الأرض أن تُرى، بخلاف ما لو دنا من الأرض فإنها لا ترى؛ لوجود شجرة أو نحوها يتوارى بها الإنسان، وخاصة إذا كانت ليست بعالية بحيث تستره إذا كان دانياً من الأرض، ولا تستره إذا كان قائماً، فمعنى الحديث صحيح.