شرح حديث (يا عبد الرحمن بن سمرة لا تسأل الإمارة)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ما جاء في طلب الإمارة.

حدثنا محمد بن الصباح البزاز حدثنا هشيم أخبرنا يونس ومنصور عن الحسن عن عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه أنه قال: قال لي النبي صلى الله عليه وآله وسلم: (يا عبد الرحمن بن سمرة! لا تسأل الإمارة، فإنك إذا أعطيتها عن مسألة وكلت فيها إلى نفسك، وإن أعطيتها عن غير مسألة أعنت عليها)].

أورد أبو داود باب ما جاء في طلب الإمارة أي: كراهية ذلك، ولا ينبغي أن الإنسان يحرص على الإمارة ويسعى في تحصيلها، ويسعى أن يكون مسئولاً وأميراً أو والياً على أحد من الناس وإن لم يكن أميراً؛ لأن هذا كله مما فيه تبعة كبيرة، ومسئولية عظيمة، والإنسان إذا حرص على شيء ورغب فيه، وسعى جاهداً للحصول عليه، قد لا يوفق في ذلك، ويوكل إلى نفسه، وإذا لم يكن حريصاً على الإمارة أو الولاية، وليس راغباً فيها، وأسندت إليه؛ فذلك مظنة أن يحصل له العون عليها؛ لأنه ما سعى فيها حتى يوكل إليها، وإنما بلي بها وأسندت إليه دون طلب منه.

أورد أبو داود حديث عبد الرحمن بن سمرة رضي الله تعالى عنه: أن النبي عليه الصلاة والسلام قال له: [(يا عبد الرحمن بن سمرة! لا تسأل الإمارة فإنك إذا أعطيتها عن مسألة وكلت فيها إلى نفسك)] يعني: لا تطلبها وتسعى إلى أن تكون أميراً (فإنك إن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها) معناه: أن الإنسان لا يحصل له تسديد وتوفيق في هذه المهمة التي وكلت إليه برغبة منه وبطلب منه، (وإن أعطيتها من غير مسألة أعنت عليها)؛ لأنه ما شغل نفسه بها، ولا فكر فيها، ولا اجتهد فيها، ولكنه اختير لأن يقوم بهذه المهمة، فيكون ذلك من أسباب عونه وتوفيقه من الله عز وجل، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: (وإن أعطيتها من غير مسألة أعنت عليها)، فالذي يطلب الولاية يكون عنده رغبة في العلو وفي التسلط والتولي والولاية؛ حتى يكون الناس تبعاً له، والذي ما حصل منه السعي من ذلك، ويتخوف ويخشى من المسئولية والتبعة؛ فإنه إذا أسندت إليه يكون ذلك من أسباب عونه وتسديده، وكونه يخاف يجعله يجتهد في الإصلاح وفي القيام بالواجب حتى لا يحصل له ضرر يوم القيامة؛ لكونه يجازى على ما يحصل منه من إخلال ومن تقصير.

وأيضاً جاء في الحديث: (من تواضع لله رفعه الله).

هذا التوجيه من النبي الكريم صلوات الله وسلامه وبركاته عليه فيه بيان أن طلب الإمارة يأتي بالمضرة، وقد لا يوفق الإنسان في مهمته، والإنسان الذي أعطي الإمارة من غير مسألة يعان على ذلك، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يعطي الإمارة من يطلبها لئلا يوكل إليها، ويعطيها من لا يطلبها كما سيأتي في حديث أبي موسى الأشعري رضي الله تعالى عنه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015