قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب من قال: إذا أقبلت الحيضة تدع الصلاة.
حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا أبو عقيل عن بهية أنها قالت: (سمعت امرأة تسأل عائشة عن امرأة فسد حيضها وأهريقت دماً، فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن آمرها فلتنظر قدر ما كانت تحيض في كل شهر وحيضها مستقيم، فلتعتد بقدر ذلك من الأيام، ثم لتدع الصلاة فيهن أو بقدرهن، ثم لتغتسل ثم لتستثفر بثوب ثم لتصلي)].
أورد أبو داود رحمه الله باب من قال: إذا أقبلت الحيضة تدع الصلاة، وهذه التراجم مبنية على أساس من قال رواية أو من روى هذا اللفظ، وليس المقصود القول الذي يقوله الإنسان وهو رأي له، وإنما المقصود من ذلك من قال في روايته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن المستحاضة تدع الصلاة، وفي الباب السابق ذكر من قال: تدع الصلاة في عدة الأيام التي كانت تحيض، يعني بقدر الأيام التي كانت تحيضها، وهنا قال: إذا أقبلت الحيضة تدع الصلاة، والمقصود بإقبال الحيضة إما بمعرفة اللون والدم أو بالأيام التي كانت تعرفها قبل أن تحصل لها الاستحاضة، فلو كانت العادة تأتيها في اليوم الفلاني من الشهر، ثم جاءتها الاستحاضة فتغير وضعها، فهل تعتبر تلك الأيام إن كانت تعرف الاستحاضة عن طريق اللون والدم؟ لا، بل الثاني هو المقدم، وهذا هو الأصل؛ لأنه مبني على لونه ورائحته، وإذا لم تعرف ذلك وكانت الأيام معروفة قبل أن يحصل المرض رجعت إلى تلك الأيام، وهذا هو المقصود من قوله: إذا أقبلت الحيضة تدع الصلاة، يعني: تدع الصلاة من حين ابتداء إقبال الحيضة، وذلك بمعرفة الدم الأسود الغليظ الذي له رائحة متميزة تعرفها النساء وتميزها عن غيرها من الدماء.
قوله: [(عن امرأة فسد حيضها)] المقصود أنه حصل في رحمها فساد من ناحية خروج الدم، كان يخرج منها الحيض فقط فصار يخرج الحيض وغير الحيض، ولهذا يقول العلماء: دم الاستحاضة دم فساد؛ لأنه نتج عن مرض وليس عن صحة.
قوله: [(وأهريقت دماً)] يعني: كان الدم يهراق منها باستمرار.
قوله: [(فأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن آمرها فلتنظر قدر ما كانت تحيض في كل شهر وحيضها مستقيم، فلتعتد بقدر ذلك من الأيام)] أي: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عائشة أن تخبرها بأنها تنظر إلى قدر الأيام التي كانت تحيض وحيضها مستقيم يعني: عندما كانت في صحة وسلامة وعافية، ولم يحصل لها فساد دم، فتنظر إلى تلك الأيام ثم تجلس مثلها.
قوله: [(ثم لتدع الصلاة فيهن أو بقدرهن)] تدع الصلاة في تلك الأيام إذا كانت معلومة لها أو بقدرهن إذا كانت غير معلومة.
قوله: [(ثم لتغتسل ثم لتستثفر بثوب)] لتغتسل غسل الحيض بعد انقطاع الدم، وذلك بعد مضي قدر الأيام التي كانت تحيضها عندما كان حيضها مستقيماً، وتستثفر بثوب، أي: تشد على فرجها قطناً وثوباً حتى يمنع من سقوط الدم على جسمها وعلى ثيابها وعلى الأرض.
قوله: [(ثم لتصل)] مع الوضوء لكل صلاة.