قوله: [سمع جابراً رضي الله عنه يقول: (مرضت فأتاني النبي صلى الله عليه وآله وسلم يعودني هو وأبو بكر رضي الله عنه ماشيين، وقد أغمي علي فلم أكلمه، فتوضأ وصبه علي فأفقت، فقلت: يا رسول الله! كيف أصنع في مالي ولي أخوات؟ قال: فنزلت آية المواريث: ((يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلالَةِ)) [النساء:176])].
أورد أبو داود حديث جابر رضي الله عنه: أنه مرض فجاءه النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر يعودانه ماشيين، وهذا فيه: عيادة المريض، سواء بالمشي أو الركوب، وفي الحديث أنهما جاءا ماشيين، وأنه كان أغمي عليه، فما استطاع أن يكلم النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه مغمىً عليه، فالرسول صلى الله عليه وسلم توضأ وأخذ من وضوئه فصبه عليه فأفاق.
وهذا فيه فضل ما مس وتساقط من جسده صلى الله عليه وسلم من الماء، فالصحابة كانوا يتبركون به، ولا شك أن ما لامس جسده مبارك، ويتبرك به، فقد كان الصحابة يفعلون ذلك، وأما بعد وفاته صلى الله عليه وسلم فإنه لا يتبرك بأحد من الناس سواه، ولم يكن الصحابة يتبركون بـ أبي بكر وعمر، وهم خير الناس وأفضلهم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وفي الحديث أنه أفاق من إغمائه وقال: إن لي مالاً ولي أخوات فكيف أصنع بمالي؟ فأنزل الله آية الكلالة، أي: الآية التي في آخر النساء: {فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ مِمَّا تَرَكَ} [النساء:176]، ومعنى هذا: أن أخوات جابر يكون لهن الثلثان -لأنهن أخوات شقيقات- كما جاء في هذه الآية التي هي آية الكلالة التي هي ختام سورة النساء، وكان هذا في مرضه، وكان لا يوجد له إلا أخوات، وقد توفي أبوه، وليس له ولد؛ فأنزل الله عز وجل هذه الآية التي فيها بيان ميراث الأخوات وغير الأخوات من أولاد الأب، وسواء كانوا ذكوراً أو إناثاً أو مختلطين فإن الآية بينت ميراثهم.