يقول الرسول عليه الصلاة والسلام في حديث عبد الله بن عمرو: (العلم ثلاثة) أي: العلم الشرعي، و (أل) هنا للعهد الذهني، فإن الألف واللام تكون للعهد الذهني، وإذا لم تسبق بشيء ترجع إليه الألف واللام يقال لها: العهد الذكري، مثل قول الله عز وجل: {إِنَّا أَرْسَلْنَا إِلَيْكُمْ رَسُولًا شَاهِدًا عَلَيْكُمْ كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى فِرْعَوْنَ رَسُولًا * فَعَصَى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ} [المزمل:15 - 16]؛ لأن (الرسول) الثانية ترجع إلى الرسول الأول الذي قبلها، فأل للعهد الذكري.
وتكون (أل) للعهد الذهني، إذا سبقت بشيء معهود في الأذهان، مثل: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ} [البقرة:2] أي: الكتاب المعهود في الأذهان، وهنا العلم أي: العلم الشرعي المعهود في الأذهان.
(ثلاثة) يعني: ثلاثة أشياء وما سواها فهو (فضل) أي: زيادة علم، وإلا فإن الأصول في هذه الأمور الثلاثة التي ذكرها.
قوله: (آية) يعني: آية من كتاب الله وهو القرآن، (محكمة) أي: غير منسوخة، فحكمها وثابت، فلم يحصل لها نسخ، فيعمل بها بخلاف الآية المنسوخة فإنه لا يعمل بها، لأنها تتلى ويتعبد الله عز وجل بتلاوتها، ولكن لا يتعبد بالعمل بها؛ لأنها قد نسخت، أما الآية المحكمة فإنه يتعبد بتلاوتها، ويتعبد بالعمل بها، فالمحكمة هي التي حكمها باقٍ غير منسوخ، وكذلك المحكمة هي الواضحة الجلية؛ لأن المحكم -هو الواضح الجلي- يطلق في مقابل المتشابه الذي فيه خفاء، وطريقة أهل العلم أنهم يردون المتشابه إلى المحكم، بخلاف أهل الزيغ فإنهم يتبعون المتشابه.