قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ما جاء في الدليل على أن الكفن من جميع المال.
حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان عن الأعمش عن أبي وائل عن خباب رضي الله عنه قال: (مصعب بن عمير رضي الله عنه قتل يوم أحد ولم تكن له إلا نمرة، كنا إذا غطينا بها رأسه خرجت رجلاه، وإذا غطينا رجليه خرج رأسه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: غطوا بها رأسه، واجعلوا على رجليه من الإذخر)].
أورد أبو داود: باب ما جاء في الدليل على أن الكفن يكون من جميع المال، أي: أن الميت إذا مات فإن كفنه ومئونة تجهيزه مقدمة على كل شيء في ماله، بمعنى: أنه ليس هناك ميراث ولا وصية؛ كل هذه تؤخر، ويكون المقدم هو كفنه وما يلزم لتجهيزه، هذا هو المقصود بالترجمة، فإن كان المال كثيراً فيؤخذ منه، وإن كان المال قليلاً جداً وما يكفي إلا للكفن؛ فإنه يكون للكفن، وليس هناك ميراث ولا وصية؛ لأنه لم يبق لهم مجال؛ لأن الكفن مقدم، ولأن مئونة تجهيزه وستر عورته مقدمة في ماله.
وقد أورد أبو داود حديث خباب بن الأرت رضي الله عنه أن مصعب بن عمير لما استشهد لم يجدوا له إلا نمرة، إن غطوا بها رأسه بدت رجلاه، وإن غطوا بها رجليه بدا رأسه، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال: (غطوا بها رأسه، واجعلوا على رجليه من الإذخر) أي: غطوه بهذا النبات، واجعلوه غطاء له، فهذا يدل على أن الكفن مقدم؛ لأنهم ما وجدوا له إلا هذا يكفن به، فدل هذا على أن الكفن يؤخذ من أصل المال، وأنه المقدم على غيره، فإن كان المال كثيراً أخذ منه ما يلزم للتجهيز، وإن كان قليلاً لا يكفي إلا للتجهيز أخذ للتجهيز، ولا يقدم عليه أي أمر من المستحقات التي تؤخر.
والشهيد يكفن في ثيابه التي مات فيها، ولا يغسل.