قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في صيد قطع منه قطعة.
حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا هاشم بن القاسم حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي واقد رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: (ما قطع من البهيمة وهي حية فهي ميتة)].
هذا باب في صيد قطع منه قطعة، أي: فما حكم تلك القطعة التي قطعت من الصيد؟ وهنا أورد الحديث في كتاب الصيد؛ لأن الصيد من جملة ما يندرج تحت الحديث، وليس الحديث خاصاً بالصيد، بل هو عام في الصيد وغيره.
فإذا قطع من الحيوان قطعة سواء كان مستأنساً أو متوحشاً، فإنها تكون حراماً؛ لأن القطعة التي تبان من الحي تعتبر ميتة، ولا تعتبر ذبيحة مباحة، بل هي قطعة انفصلت من حي فكانت ميتة، أي: حكمها حكم الميتة في أنها لا تحل سواء كان ذلك في صيد أو غيره.
وأورد أبو داود رحمه الله هذه الترجمة في كتاب الصيد مع أن الحكم يشمل الصيد وغير الصيد، لأن الغالب أن القطعة التي تقتطع تكون برمي الصيد، فتنقطع قطعة منه ويبقى حياً، فهذه القطعة التي قطعت منه تكون حراماً ولا تحل، وتعتبر ميتة لا يجوز أكلها، هذا هو مقتضى ما تدل عليه الترجمة.
وقد أورد أبو داود حديث أبي واقد الليثي رضي الله عنه: [(ما قطع من البهيمة وهي حية فهي ميتة)] أي الذي قطع منها وهي حية فهي ميتة؛ لأنها انفصلت من حي فيكون حكمها حكم الميتة، وعلى هذا فالصيد إذا رمي ثم سقط منه قطعة وبقي هو حياً، فهرب أو بقي على قيد الحياة؛ فإن هذه القطعة التي انفصلت منه ميتة، لكن لو أنه رمى الصيد حتى مزقه وتقطع قطعاً ومات بسبب ذلك فالقطع كلها حلال، لأن إزهاق نفسه حصل بتمزيقه وتقطيعه بتلك الرمية، فليس هناك شيء انفصل من حي؛ فيكون مباحاً.
فلو رمي الطير أو الأرنب أو الغزال حتى تفرق قطعاً أو أنه ضربها فقطعها قطعتين وماتت بسبب ذلك القطع، فإن الكل يكون حلالاً.