قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا القعنبي حدثنا داود بن قيس عن عمرو بن شعيب أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال، ح وحدثنا محمد بن سليمان الأنباري حدثنا عبد الملك -يعني ابن عمرو - عن داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه أراه عن جده قال: سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن العقيقة فقال: (لا يحب الله العقوق -كأنه كره الاسم- وقال: من ولد له ولد فأحب أن ينسك عنه فلينسك، عن الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية شاة) وسئل عن الفرع فقال: (والفرع حق، وأن تتركوه حتى يكون بكراً شغزباً ابن مخاض أو ابن لبون فتعطيه أرملة أو تحمل عليه في سبيل الله، خير من أن تذبحه فيلزق لحمه بوبره، وتكفئ إناءك، وتوله ناقتك)].
أورد أبو داود حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما أنه قال: [سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العقيقة فقال: (لا يحب الله العقوق -كأنه كره الاسم-)] أي: لأن هذا الاسم يشبه العقوق؛ ولكنه قد جاء هذا اللفظ في كلامه صلى الله عليه وسلم كما مر في الأحاديث: (كل غلام مرتهن بعقيقته)، ومعنى ذلك أنه سائغ ولكن كونه يطلق عليه نسيكة هو الأولى، واسم العقيقة هو الذي اشتهر، ولهذا يؤتى به في كتب الفقه وفي كتب الحديث، ولا يؤتى بنسيكة؛ لأن النسيكة لفظ عام يشمل الأضاحي ويشمل الهدي، واسم العقيقة هو الذي ميزها عن الهدي والأضحية.
قوله: [(وقال: من ولد له ولد فأحب أن ينسك عنه فلينسك، عن الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية شاة)]، وهذا اللفظ يشعر بعدم الوجوب.
قوله: [(وسئل عن الفرع قال: والفرع حق، وأن تتركوه حتى يكون بكراً شغزباً ابن مخاض أو ابن لبون فتعطيه أرملة أو تحمل عليه في سبيل الله؛ خير من أن تذبحه فيلزق لحمه بوبره، وتكفئ إناءك، وتوله ناقتك)].
الفرع هو أول نتاج السائمة، وكانوا في الجاهلية يفعلونه لطواغيتهم، فجاء الإسلام وأقره، وكان قربة لله عز وجل، ولكنه جاء بعد ذلك ما يدل على أنه لا فرع ولا عتيرة في الإسلام.
قوله: [(بكراً شغزباً)] قيل: إن الصحيح فيه (زخرباً) بالزاي في أوله ثم خاء معجمة.
والمعنى: إن تتركوه حتى يكون بكراً عظيماً، خير من أن تذبحوه ولحمه رقيق يلصق بوبره، وإذا فعلتم ذلك يترتب عليه أن أمه يصيبها وله عليه، ثم بعد ذلك تكفئون الإناء الذي يحلب به؛ لأنه إذا كان الولد موجوداً فهي تدر له وترضعه ويأخذ الناس من لبنها، فيكون في ذلك فائدة لهم، وهي أنهم يستمرون في الحلب، فكونهم يتركونه ويغذونه ويأخذون من لبن أمه ما فضل عن حاجة ولدها، ويكون بكراً عظيماً يعطى لأرملة أو لفقير محتاج إليه، أو يحمل عليه في سبيل الله؛ خير من أن يذبح في أول الأمر.
قوله: [(شغزباً ابن مخاض أو ابن لبون)].
ابن المخاض هو الذي له سنة، وابن لبون هو الذي له سنتان.