قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن كثير أخبرنا إسرائيل حدثنا سماك عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ} [الأنعام:121]، يقولون: ما ذبح الله فلا تأكلوه، وما ذبحتم أنتم فكلوه، فأنزل الله عز وجل: {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام:121]].
أورد أبو داود أثراً عن ابن عباس في قوله: {وَإِنَّ الشَّيَاطِينَ لَيُوحُونَ إِلَى أَوْلِيَائِهِمْ} [الأنعام:121]، أراد بذلك تفسير هذه الآية، وأن الشياطين من الإنس والجن توحي إلى أوليائهم من الإنس، ومما قالوه من الإيحاء: إن ما ذبحه الله عز وجل هو الميتة فلا تأكلوها، وما ذبحتموه أنتم فكلوه! فيطلقون على الميتة أنها ذبيحة الله، فهذا من وحي الشياطين إلى إخوانهم من شياطين الإنس.
قوله: [{لِيُجَادِلُوكُمْ} [الأنعام:121]] معناه أنهم يقولون: قولوا لهم: إنكم تأكلون ما تذبحونه ولا تأكلون ما ذبحه الله.
قوله: [فأنزل الله عز وجل: {وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ} [الأنعام:121]]، يعني إن الميتة هي ما لم يذكر اسم الله عليه، وهذا غير التي لم تذبح فصارت بذلك نجسة لا يجوز الأكل منها إلا للضرورة التي يدفع بها الموت، ويؤكل بقدر الضرورة ولا يزاد على ما فيه إنقاذ النفس.
فالميتة لم يذكر اسم الله عليها، وأيضاً هي نجسة وفيها ضرر، فاجتمع فيها عدة محاذير.
والحاصل أن هذا فيه تفسير لإيحاء الشياطين إلى إخوانهم.