قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا مسدد حدثنا يزيد بن زريع قال: حدثنا خالد الحذاء عن أبي المليح عن نبيشة رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إنا كنا نهيناكم عن لحومها أن تأكلوها فوق ثلاث لكي تسعكم، فقد جاء الله بالسعة، فكلوا، وادخروا، واتجروا، ألا وإن هذه الأيام أيام أكل وشرب وذكر الله عز وجل)].
أورد أبو داود حديث نبيشة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [(كنا نهيناكم عن لحومها)] أي لحوم الأضاحي.
قوله: [(أن تأكلوها فوق ثلاث)].
أي أمرهم أن يأكلوا في حدود ثلاثة أيام، ولا يزيدون عن ذلك.
ثم إنه قال: [(إنما نهيناكم من أجل السعة)]، يعني من أجل التوسيع على الناس، ومن أجل الحاجة إلى الناس.
قوله: [(وقد جاء الله بالسعة)] أي: كثر الخير وحصل الاستغناء، والسبب الذي نهينا من أجله -وهو أن يتيحوا الفرصة ويفسحوا المجال لأولئك الذين دفوا وجاءوا إلى المدينة من أجل أن يحصلوا اللحم- قد ذهب، فكلوا وادخروا واتجروا.
قوله: [(اتجروا)] معناه تصدقوا، والمقصود من ذلك اطلبوا الأجر، وليس المقصود التجارة الدنيوية؛ لأن الضحايا لا يباع منها شيء، بل الجزار لا يعطى أجرته منها، وإنما يعطى أجرته من خارجها، فالمقصود بالاتجار هنا طلب الأجر وذلك بالصدقة، وليس المقصود منه التجارة؛ لأن الضحايا لا يباع منها شيء.
قوله: [(ألا وإن هذه الأيام أيام أكل وشرب وذكر الله عز وجل)].
هذه الأيام التي هي أيام عيد الأضحى والثلاثة الأيام التي بعده هي أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل، أي أنه لا يجوز صومها فهو حرام، أما يوم العيد فلا يجوز صومه بحال من الأحوال، وأما أيام التشريق فأيضاً لا يجوز صومها إلا لمن لم يجد الهدي، كما ثبت أنه لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي، فمن لم يجد هدي التمتع أو القران يصوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع، فله أن يصوم أيام التشريق، وقد رخص له في ذلك.