قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ما يجوز من السن في الضحايا.
حدثنا أحمد بن أبي شعيب الحراني حدثنا زهير بن معاوية حدثنا أبو الزبير عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (لا تذبحوا إلا مسنة؛ إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن)].
أورد أبو داود: [باب ما يجوز من السن في الضحايا]، وهذه الترجمة تتعلق بأسنان الضحايا وعمرها، والحد الأدنى لما يجزئ منها، ومعلوم أن الضحايا إنما تكون من بهيمة الأنعام فقط، وهي: الإبل، والبقر، والغنم.
والمعروف عند العلماء أن الضحية تكون بالجذع من الضأن والثني من غيره، أي الثني من المعز والبقر والإبل.
فالجذع من الضأن هذا أقل شيء، وهو ما تم له ستة أشهر فأكثر، والثني من غيره قال بعض أهل العلم: هو من المعز والضأن ما تم له سنة ودخل في السنة الثانية، ومن البقر ما تم له سنتان ودخل في السنة الثالثة، ومن الإبل ما أكمل خمس سنوات ودخل في السادسة، وهذا معناه أن الأسنان التي تؤخذ في الزكاة كلها دون ما يجزئ في الأضحية؛ لأن بنت مخاض من الإبل ما لها سنة، وبنت لبون ما لها سنتان، والحقة ما لها ثلاث سنوات، والجذعة ما لها أربع سنوات، والثني ما له خمس سنوات.
ومن أهل العلم من قال: إن الثني من الضأن ومن المعز ما تم له سنتان، ومن البقر ما تم له ثلاث سنوات، ومن الإبل ما تم له خمس سنوات، فلا خلاف في الإبل، وإنما الخلاف في الغنم والبقر.
وقد أورد أبو داود حديث جابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما: [أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا تذبحوا إلا مسنة)] يعني في الهدي وفي الأضحية؛ لأن الهدي والأضحية حكمهما واحد من ناحية الأسنان، فما يجزئ في هذا يجزئ في هذا، وما لا يجزئ في هذا لا يجزئ في هذا، والمعنى أن الحد الأدنى هو المسنة.
قوله: [(إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعاً من الضأن)] أي: إلا أن يشق عليكم فلا تجدون المسنة أو الثني فتذبحون من الضأن جذعة، وهذا يدل على أن الجذع من الضأن يجزئ عندما لا تتيسر مسنة، والمعروف عند أكثر العلماء أن هذا إنما هو للاستحباب وليس للإيجاب، ومعنى ذلك أنه يمكن أن يذبح الجذع من الضأن مع وجود المسنة، فيحمل هذا الذي جاء في الحديث على الاستحباب لا على الوجوب؛ لأنه قد جاءت أحاديث دالة على جواز ذبح الجذع.