شرح حديث إنفاد الزاد في الغزو إذا قفل

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب فيما يستحب من إنفاد الزاد في الغزو إذا قفل.

حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد أخبرنا ثابت البناني عن أنس بن مالك: (أن فتى من أسلم قال: يا رسول الله! إني أريد الجهاد وليس لي مال أتجهز به.

قال: اذهب إلى فلان الأنصاري فإنه كان قد تجهز فمرض، فقل له: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقرئك السلام، وقل له: ادفع إلي ما تجهزت به.

فأتاه فقال له ذلك فقال لامرأته: يا فلانة! ادفعي له ما جهزتني به ولا تحبسي منه شيئاً، فوالله لا تحبسين منه شيئاً فيبارك الله فيه)].

أورد أبو داود هذه الترجمة: باب فيما يستحب من إنفاد الزاد في الغزو إذا قفل، وهذه الترجمة ظاهرها أن المقصود أن الإنسان عندما يقفل يستنفد زاده ولا يقلل على نفسه؛ لأنه إذا كان ذاهباً يمكن أن يقلل على نفسه خشية أن ينقضي زاده، ولكنه إذا رجع ما بقي هناك ما يحتاج معه إلى التقليل فيستفيد منه، هذا هو ظاهر الترجمة.

لكن الحديث الذي أورده فيها لا يدل على هذا المعنى الواضح من الترجمة، وإنما أورد فيه أبو داود رحمه الله حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: (أن فتى من أسلم جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وليس معه شيء يتجهز به للغزو فقال: اذهب إلى فلان وأقرئه السلام وقل: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك بأن تدفع إليَّ الذي جهزت به نفسك) لأن هذا الرجل كان مريضاً لا يستطيع أن يسافر، وكان قد تهيأ للسفر وأعد الزاد الذي يسافر به، فذهب إليه وأبلغه بالذي أرشده إليه الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، فقال لامرأته: أعطيه كل شيء جهزتني به، أي: كل شيء أعددته لي لأسافر به ولا تمنعي منه شيئاً.

قوله: [(فوالله لا تحبسين منه شيئاً فيبارك الله فيه)].

أي: لن يكون فيه بركة، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإعطائه إياه.

هذا هو الحديث الذي أورده أبو داود تحت الترجمة، وليس بواضح مطابقته للترجمة، ولكن يمكن أن يقال: إنه إذا احتاج الإنسان إلى أن يسأل وهو في إنشاء السفر وفي ابتداء الغزو، فكذلك إذا قفل وكان بحاجة إلى زاد ونفد زاده وليس معه شيء فإنه من باب أولى أن يسأل؛ لأنه إذا ساغ له أن يسأل في البداية مع أنه معذور ويمكن أن يبقى، فكونه يسأل في النهاية وقد قفل ونفد الزاد منه لا بأس بذلك.

وقوله في الترجمة: [قفل] أي: رجع، والقفول هو: الرجوع من السفر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015