قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن يحيى بن فارس حدثنا صفوان بن عيسى عن الحسن بن ذكوان عن مروان الأصفر قال: (رأيت ابن عمر رضي الله عنهما أناخ راحلته مستقبل القبلة ثم جلس يبول إليها، فقلت: أبا عبد الرحمن! أليس قد نهي عن هذا؟ قال: بلى، إنما نهي عن ذلك في الفضاء، فإذا كان بينك وبين القبلة شيء يسترك فلا بأس)].
أورد أبو داود رحمه الله أن مروان الأصفر قال: (إن ابن عمر أناخ راحلته مستقبل القبلة وجعل يبول) يعني: وراءها، فجعلها له سترة بينه وبين القبلة، فقال له: (أليس قد نهى عن هذا؟) يعني: عن استقبال القبلة بالبول والغائط واستدبارها، فقال: (بلى، إنما نهي عن ذلك في الفضاء)، يعني: إذا لم يكن هناك ما يستره، أما إذا كان هناك ما يستره فلا بأس بذلك.
وهذا يفيد بأن استقبال القبلة ببول أو غائط ينهى عنه إذا كان ذلك في الفضاء ومن غير ساتر، أما إذا كان هناك سترة بينه وبين القبلة فإن ذلك لا بأس به، وهذا الحديث محتمل بأن يكون في سفر وأن يكون في الحضر.
فالإنسان عليه أن يحرص دائماً وأبداً على ألا يستقبل القبلة ولا يستدبرها، وإذا كان الأمر في فضاء وكان الأمر يتطلب كون الإنسان يقضي حاجته إلى سترة، أو أن يكون متجهاً إلى جهة أخرى فإن مقتضى هذا أنه يستتر بشيء، وهذا هو الأولى، فإذا أمكن أن يكون استتاره بالشيء إلى غير جهة القبلة فهذا هو الذي ينبغي؛ بحيث يجمع بين السترة بينه وبين من قد يراه من جهة الأمام وبين كونه غير مستقبلاً القبلة.
وهذا الحديث محتمل لأن يكون في السفر، وأن يكون في العراء والفضاء، وأن يكون في أماكن خالية، ويكون بذلك مستقبلاً القبلة، ولكن بينه وبينها راحلته التي يقضي حاجته متجهاً إليها.