قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن المثنى حدثنا معاذ بن هشام حدثني أبي عن قتادة عن الحسن عن الهياج بن عمران أن عمران أبق له غلام، فجعل لله عليه لئن قدر عليه ليقطعن يده، فأرسلني لأسأل له، فأتيت سمرة بن جندب رضي الله عنه فسألته فقال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يحثنا على الصدقة وينهانا عن المثلة) فأتيت عمران بن حصين فسألته فقال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يحثنا على الصدقة وينهانا عن المثلة)].
أورد أبو داود هذا الحديث عن عمران بن حصين وعن سمرة بن جندب رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يحث على الصدقة وينهى عن المثلة.
والمقصود هنا النهي عن المثلة، والمثلة قد عرفناها فيما مضى.
قوله: [(أن عمران أبق له غلام فجعل الله عليه لئن قدر عليه ليقطعن يده)] قوله: [(أبق له غلام)] يعني: هرب، فأقسم أنه إذا ظفر به فسيقطع يده؛ عقوبة له على هذا الإباق وهذا الشرود، فأرسل من يسأل فأخبر بأن النبي نهى عن المثلة، ومعنى ذلك: لا تقطع يده.
لأن ذلك تمثيل، والتمثيل نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم.
وليس فيه حجة على أن إقامة الحدود تمثيل، فإقامة الحدود ليست تمثيلاً، ولكن لو حصل أن إنساناً مثَّل وأقيم عليه الحد بمثل ما فعل فهذه مجازاة له على فعله، وأما إقامة الحدود بكونه يقطع رأسه أو تقطع اليد من أجل السرقة أو تقطع الرجل من أجل السرقة فهذا ليس من التمثيل؛ لأن الذي منع التمثيل هو الذي شرع هذه العقوبة.
وفي هذا الحديث لما سئل الصحابيان عن مسألة قطع يد العبد أخبرا بالشيء الذي جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو مشتمل على المطلوب وزيادة، فالمطلوب هو النهي عن التمثيل والثاني الذي ليس بمطلوب في هذه المناسبة هو الحث على الصدقة.