قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا هارون بن عبد الله أن هاشم بن القاسم وهشاماً حدثاهم قالا: حدثنا عكرمة قال: حدثني إياس بن سلمة حدثني أبي سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أنه قال: (غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هوازن.
قال: فبينما نحن نتضحى وعامتنا مشاة وفينا ضعفة إذ جاء رجل على جمل أحمر، فانتزع طلقاً من حقو البعير فقيد به جمله، ثم جاء يتغدى مع القوم، فلما رأى ضعفتهم ورقة ظهرهم خرج يعدو إلى جمله فأطلقه ثم أناخه فقعد عليه، ثم خرج يركضه، واتبعه رجل من أسلم على ناقة ورقاء هي أمثل ظهر القوم، قال: فخرجت أعدو فأدركته ورأس الناقة عند ورك الجمل وكنت عند ورك الناقة، ثم تقدمت حتى كنت عند ورك الجمل، ثم تقدمت حتى أخذت بخطام الجمل فأنخته، فلما وضع ركبته بالأرض اخترطت سيفي فأضرب رأسه فندر، فجئت براحلته وما عليها أقودها، فاستقبلني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الناس مقبلاً فقال: من قتل الرجل؟ فقالوا: سلمة بن الأكوع.
قال: له سلبه أجمع) قال هارون هذا لفظ هاشم].
أورد أبو داود حديث سلمة بن الأكوع رضي الله عنه، وهو أكثر تفصيلاً لهذه القصة من الرواية السابقة، وقد أخبر سلمة بن الأكوع رضي الله عنه بأنهم كانوا في غزوة هوازن، وأن الصحابة رضي الله عنهم كانوا قد نزلوا يأكلون طعاماً في الضحى، قال: نتضحى مثلما يقال: نتغدى ونتعشى.
أي: طعام الغداة وطعام العشاء.
فجلسوا يأكلون في وقت الضحى فجاء هذا الرجل وشاركهم في الأكل وهو جاسوس، فلما رأى رقة حالهم وضعفهم انسل وركب، وكان حين وصل إليهم قد انتزع طلقاً من حقو جمله -والطلق هو عقال من جلد- فقيده به، أي: وضعه على يديه بحيث لا يمشي مع استطاعته أن يتحرك ليرعى.
فلما رأى حالتهم انسل وأطلق عقال جمله وأناخه وركب عليه، ثم جعل يركضه، أي: يستحثه على الجري والعدو، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم باللحاق به وقتله، فلحقه رجل من أسلم من جماعة سلمة بن الأكوع على ناقة ورقاء هي أمثل الإبل التي معهم، فكان رأسها عند ورك الجمل، فلحق بهما سلمة حتى صار عند ورك الناقة، ثم تقدم حتى صار عند ورك الجمل، ثم تقدم حتى صار أمامه وأمسك بخطامه وأناخه، ولما أناخه وصارت ركبة البعير في الأرض اخترط سيفه فضرب رأسه فندر، أي: سقط رأسه، فجاء بالبعير يقوده وما عليه، فاستقبله الرسول صلى الله عليه وسلم هو والناس، أي: قاموا من أماكنهم يستقبلون اللذين ذهبا لقتل هذا الجاسوس فلما وصلا قال صلى الله عليه وسلم: [(من الذي قتله؟)] قالوا: سلمة بن الأكوع فقال: [(له سلبه أجمع)] يعني: كل سلبه يكون لـ سلمة، والسلب هو مال القتيل الكافر ثيابه وسلاحه يعطاه قاتله.
والحديث فيه دليل على القيام لاستقبال من يأتي واستقبال القادم والداخل؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة استقبلوا من لحق ذلك الجاسوس.