فإن قيل: لِمَ لَمْ يقتل النبي صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد قصاصاً؟ ف
صلى الله عليه وسلم لعل الرسول صلى الله عليه وسلم عذره لأنه فهم أن من قال ذلك يكون مستحقاً القتل لأنه إنما قال ذلك خوفاً من القتل ولم يقله رغبة وقصداً في الدخول في الإسلام، وإنما قاله تعوذاً.
وقد قال بعض أهل العلم: لعل ذلك حصل في وقت لا ينفع معه الإيمان.
يعني مثل ما حصل لفرعون حين أعلن الإسلام عند حضور الأجل ومعاينته الموت، ومع ذلك ما نفعه إسلامه، فقالوا: إن هذا الذي حصل منه الدخول في الإسلام إنما قال ذلك لما أشرف على الهلاك ورأى أنه هالك، فقالوا: إنه لا ينفعه.
ولكن القول الأول أولى، فهم قتلوه ظناً منهم أنه قال ذلك لما غشوه بالسلاح تعوذاً وخوفاً من القتل، وأنهم محقون في قتلهم، فالنبي صلى الله عليه وسلم عذرهم في ذلك فلم يوجب عليهم القصاص.
وقد أشار الخطابي إلى معنىً آخر، وهو أنه يشبه أن يكون المعنى فيه أن الأصل في دماء الكفار الإباحة، وهذا الذي أشار إليه الخطابي يصح اعتباره في الحرب، فالأصل أن دماءهم في الحرب على الإباحة، وأما إذا كانوا أهل ذمة أعطوا الجزية وكانوا تحت حكم الإسلام أو كانوا مستأمنين فليس الأصل حينئذٍ هو الإباحة.