قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبيد الله بن معاذ العنبري حدثنا أبي قال: حدثنا شعبة عن أبي بشر عن عباد بن شرحبيل رضي الله عنه قال: (أصابتني سنة فدخلت حائطاً من حيطان المدينة ففركت سنبلاً، فأكلت وحملت في ثوبي، فجاء صاحبه فضربني وأخذ ثوبي، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له: ما علَّمت إذ كان جاهلاً، ولا أطعمت إذ كان جائعاً -أو قال: ساغباً- وأمره فرد علي ثوبي وأعطاني وسقاً أو نصف وسق من طعام)].
أورد أبو داود حديث عباد بن شرحبيل رضي الله عنه قال: أصابتني سنة، يعني: فاقة، أي: سنة فيها جدب وقحط.
قوله: [(فدخلت حائطاً من حيطان المدينة ففركت سنبلاً)].
السنبل: الرزع، وفركه: أخرج الحب من قشره وأكله.
قوله: [(فجاء صاحبه فضربني وأخذ ثوبي)].
يعني: جاء صاحب الزرع فضربه وأخذ ثوبه الذي كان فيه هذا الحب عقاباً له، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (ما علمت إذ كان جاهلاً) يعني: بدلاً من أن تعاقبه بهذه العقوبة تنبهه وتعذره لجهله، أو تطالبه بالشيء الذي لا توافق له عليه.
(ولا أطعمت إذ كان جائعاً أو قال: ساغباً).
والساغب بمعنى الجائع؛ لأن المسغبة هي الجوع، ومعناه: أنك تحسن إليه وتعلمه لجهله، ثم إنه أمره برد ثوبه الذي أخذه منه.
قوله: [(وأعطاني وسقاً أو نصف وسق من طعام)].
يعني: أعطاه الرسول صلى الله عليه وسلم لحاجته وسقاً أو نصف وسق من طعام، يعني: إما هذا وإما هذا -شك الراوي- وهذا لا يدل على أن الإنسان يتخذ شيئاً، لكن ينبغي أن يعذر الإنسان الجاهل، وإذا كان الإنسان لم يسمح بهذا الذي أخذه وحمله معه فيطالبه بقيمته أو يسترجعه، ولكن لا يأخذ زيادة على حقه كالثوب.