قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب: رب الدابة أحق بصدرها.
حدثنا أحمد بن محمد بن ثابت المروزي قال: حدثني علي بن حسين حدثني أبي حدثني عبد الله بن بريدة قال: سمعت أبي بريدة رضي الله عنه يقول: (بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي جاء رجل ومعه حمار فقال: يا رسول الله! اركب، وتأخر الرجل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا، أنت أحق بصدر دابتك مني، إلا أن تجعله لي، قال: فإني قد جعلته لك، فركب صلى الله عليه وسلم).
أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: رب الدابة أحق بصدرها.
المقصود بالصدر مقدمها الذي يلي رقبتها، والمؤخر هو العجز، فهناك صدر وهناك عجز، فصاحب الدابة أحق بصدرها إذا ركب معه أحد، إلا أن يتنازل عنه لغيره.
أورد أبو داود حديث بريدة بن الحصيب رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمشي فجاء رجل على حمار وكان قد ركب على صدره فتأخر، وقال: (يا رسول الله! اركب، فقال عليه السلام: رب الدابة أحق بصدرها، إلا أن تجعله لي).
فجعله له؛ لأنه كان راكباً في الصدر ثم تأخر فجعله له، لكن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يبين الحكم الشرعي، وأنه هو الأحق، وأنه إذا أذن فيه لغيره فإن الحق يكون لمن أذن له فيه.
قوله: [(قد جعلته لك.
فركب رسول الله صلى الله عليه وسلم)] يعني: صنيع ذلك الرجل من أول وهلة يدل على أنه أراد أن يركب النبي أمامه، ولكن أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يبين الحكم الشرعي للناس، وأن صاحب الدابة أحق بها إلا أن يجعله لغيره، فيكون حكماً عاماً، فلو أن النبي صلى الله عليه وسلم ركب ولم يبين ذلك ما عرف هذا الحكم، لكن كون النبي صلى الله عليه وسلم قال: (صاحب الدابة أحق بصدرها) وقال: (إلا أن تجعله لي، قال: قد جعلته لك.
فركب رسول الله صلى الله عليه وسلم) دل على تقديم صاحب الدابة على غيره، وهذا مثل ما أنه أحق في بيته بالجلوس، وأن يقول لهذا: اجلس هنا وهذا: اجلس هنا، فهو الأحق في أن يتصرف في بيته، فكذلك مركوبه هو الأحق.