قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في سرعة السير والنهي عن التعريس في الطريق.
حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد أخبرنا سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (إذا سافرتم في الخصب فأعطوا الإبل حقها، وإذا سافرتم في الجدب فأسرعوا السير، فإذا أردتم التعريس فتنكبوا عن الطريق)].
أورد أبو داود هذه الترجمة، وهي: باب في سرعة السير، يعني: في السفر، والنهي عن التعريس في الطريق.
سرعة السير أي: الذي لا يكون فيه مشقة على الإبل والدواب، وإلحاق الضرر بها.
والتعريس في الطريق يعني: النوم في آخر الليل على الطريق، وذلك أن النوم على الطريق قد يتسبب في انجفال الإبل التي تأتي مع الطريق، فقد تلحق ضرراً بمن يكون نائماً حوله، أو أن الطريق التي تسير فيها الإبل تكون لينة، ويكون فيها سهولة، فقد تأتي الحشرات إليها والدواب التي يحصل من ورائها ضرر، وقد يرمى عليه من الراكبين أشياء، فتأتي تلك الحشرات ودواب الأرض من أجل هذا الذي قد يرمى في الطريق، فالنزول على الطريق يترتب عليه محاذير، ولهذا جاءت السنة في التنكب عن الطريق والابتعاد عنه، يعني: ما يكون حوله شيء بحيث يلحق الإنسان به ضرر، إما بكون إبل تنفر فتطؤه، أو دواب تكون جاءت إلى الطريق تلتمس شيئاً رمي من المارة والمشاة فيها، فيترتب على ذلك إضرار بمن حول الطريق من الذين عرسوا وناموا فيه.
أورد أبو داود حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا سافرتم في الخصب فأعطوا الإبل حقها) يعني: خففوا السير حتى ترعى وتستفيد من هذا الخصب، (وإذا سافرتم في الجدب فأسرعوا السير)؛ لأن الإسراع بها فيه قطع للطريق لئلا يصيبها ضعف فتعجز عن إيصال من تحمله إلى ما يريد، وقد يكون وراء هذا المكان المجدب مكان مخصب تستفيد الإبل منه، فجاءت السنة في أن الأرض المخصبة لا يسرع فيها حتى تستفيد الإبل منها، والأرض المجدبة يسرع فيها حتى لا يحصل إعياء بها وعدم قدرة على مواصلة السير، وأيضاً لما يمكن أن يحصل من وجود خصب بعد ذلك.
قوله: [(فإذا أردتم التعريس فتنكبوا عن الطريق)].
أي: وإذا أردتم التعريس وأردتم أن تستريحوا وتنزلوا في آخر الليل فتنكبوا الطريق، يعني: ابتعدوا عن الطريق حتى لا يحصل لكم أذى بسبب النزول قريباً منه.