قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الرجل يغزو وأبواه كارهان.
حدثنا محمد بن كثير أخبرنا سفيان حدثنا عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: (جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: جئت أبايعك على الهجرة وتركت أبوي يبكيان، فقال: ارجع عليهما فأضحكهما كما أبكيتهما)].
أورد أبو داود باب الرجل يغزو وأبواه كارهان، أي: ما حكم ذلك؟ وهذا فيه تفصيل، فإن كان الجهاد فرض عين فليخرج الإنسان للجهاد ولو لم يرض الأبوان، وإن كان فرض كفاية فلا يخرج إلا بإذنهما.
وإنما يكون فرض عين إذا استنفر الإمام، وكذلك لو دهم العدو المسلمين في بلدهم.
وإذا كان الأبوان كافرين فإن له أن يخرج بدون إذنهما ولو لجهاد التطوع؛ لأن الكافر متهم بأنه لا يريد للإسلام أن ينتصر.
قوله: (جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: جئت أبايعك على الهجرة).
معلوم أنهم كانوا يأتون إليه ويبايعونه على الهجرة، وإنما يهاجرون لينصروه وليجاهدوا معه في سبيل الله، وقد عرفنا فيما مضى أن المهاجرين لما انتقلوا من مكة إلى المدينة كانوا يريدون الهجرة والنصرة، فجمعوا بين الأمرين، وأن الأنصار عندهم النصرة، وأن المهاجرين أفضل من الأنصار لذلك، فهذا جاء يبايع على الهجرة، ومعناه أنه يكون تحت تصرفه ويغزو معه.
قوله: (ارجع عليهما فأضحكهما كما أبكيتهما) أي: أدخل السرور عليهما كما أدخلت الحزن عليهما.