قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الرخصة في أخذ الجعائل.
حدثنا إبراهيم بن الحسن المصيصي قال: حدثنا حجاج -يعني ابن محمد - ح وحدثنا عبد الملك بن شعيب حدثنا ابن وهب عن الليث بن سعد عن حيوة بن شريح عن ابن شفي عن أبيه عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (للغازي أجره، وللجاعل أجره وأجر الغازي).
أورد أبو داود رحمه الله باب الرخصة في أخذ الجعائل، والمقصود من ذلك ما كان بغير اشتراط، وقد مر في الأحاديث: (من جهز غازياً فقد غزا)؛ ولكن كونه يعتبر نفسه أجيراً يتفق مع غيره على أنه يخرج للجهاد بأجرة، هذا هو الذي لا يجوز، وأما الذي يكون عنده رغبة في الجهاد، ولكن ليس له ظهر ولا زاد، ثم وجد من يتبرع له بظهر وزاد، وكان يريد الجهاد ولا يريد الدنيا، فهذا لا بأس به، وقد جاء في القرآن أن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم كانوا يأتون إلى النبي صلى الله عليه وسلم يريدون الخروج فلا يجد ما يحملهم عليه، فيرجعون وعيونهم تفيض من الدمع حزناً، لأنهم لا يقدرون على أن يجاهدوا.
فهذا الذي عنده رغبة في الجهاد ولكنه عاجز عن النفقة والظهر فجهزه غيره يكون له أجر الجهاد، والذي أغزاه له أجر إنفاقه ومثل أجر المجاهد.
فقوله: [(للغازي أجره، وللجاعل أجره وأجر الغازي)].
معناه: للغازي الذي باشر الغزو أجره، وللجالس الذي جهزه أجره وله أيضاً مثل أجر الغازي، فله أجره على نفقته وعلى تمكينه من المركوب وله مثل أجر الغازي، فهذا يدل على أن الجهاد بالأموال شأنه عظيم؛ وذلك لأنه يمكن غيره من الجهاد، فيكون بذلك مأجوراً على إنفاقه ومأجوراً على كونه مكن غيره وتسبب في جهاد غيره.