قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا.
حدثنا حفص بن عمر حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي وائل عن أبي موسى رضي الله عنه أن أعرابياً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: (إن الرجل يقاتل للذكر، ويقاتل ليحمد، ويقاتل ليغنم، ويقاتل ليرى مكانه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من قاتل حتى تكون كلمة الله هي أعلى فهو في سبيل الله عز وجل)].
أورد أبو داود رحمه الله باب من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا، أي من كان كذلك هو الذي حصل منه الجهاد حقيقة، وحصل منه القتال حقيقة، أما من كان على غير ذلك فهذا قاتل للشيء الذي قاتل من أجله، وقد حصل له ذلك الشيء الذي أراده، أما من أراد نصرة الإسلام وأن تكون كلمة الله هي العليا، فيعبد الله وحده لا شريك له، ويدخل الكفار في دين الله، أو يرضخوا لحكم الإسلام فيشاهدوا تطبيق أحكام الإسلام فيكون ذلك سبباً في هدايتهم ودخولهم في الإسلام، أو يبقوا على ما هم عليه ويعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون؛ فإن القتال الذي يكون على هذا الوجه هو الذي يكون محموداً ويكون صاحبه مجاهداً حقيقة.
أورد أبو داود حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه في ذلك.
قوله: (إن الرجل يقاتل للذكر).
يعني ليذكر.
قوله: (ويقاتل ليحمد).
أي: ليحمده الناس ويقولون إنه شجاع.
قوله: (ويقاتل ليغنم).
أي: يقاتل للدنيا والغنيمة فقط.
قوله: (ويقاتل ليرى مكانه).
يعني يرى منزلته عند الناس وقصده أن يعلو عند الناس.
قوله: [(من قاتل حتى تكون كلمة الله هي أعلى فهو في سبيل الله)].
أعطى الرسول صلى الله عليه وسلم جواباً من أتى به فهو الذي يكون في سبيل الله، ومن لم يأت به فهو يقاتل لما أراده: (ولكل امرئ ما نوى)، فقال عليه الصلاة والسلام: (من قاتل لتكون كلمة الله هي أعلى فهو سبيل الله) أما المقاتلة للذكر أو ليحمد عند الناس ويشار إليه بالبنان، فهذا ليس في سبيل الله.