قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا سعيد بن منصور حدثنا عبد الله بن وهب أخبرني عمرو بن الحارث عن أبي علي ثمامة بن شفي الهمداني أنه سمع عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو على المنبر يقول: ({وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال:60] ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي)].
هذا الحديث فيه بيان وتفسير للقوة التي أمر الله تعالى بإعدادها في قوله: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال:60] ففسرها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن القوة هي الرمي؛ وذلك لأن المسلمين كانوا يعدون العدد لجهاد الأعداء، وكان السلاح الموجود في ذلك الزمان هو السهام والنبل، وإرسالها إلى الأعداء يقال له: الرمي، فالنبي صلى الله عليه وسلم فسر هذه القوة بما هو مشاهد معاين وبما هو السلاح الموجود في ذلك الزمان فقال: [(ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي)].
وهذا فيه بيان القرآن بالسنة، والسنة تبين القرآن وتشرحه وتوضحه وتدل عليه، وفيه بيان السنن وإعلانها على المنابر.
ويدخل في الرمي إعداد كل ما فيه قوة للمسلمين على الكفار من الأسلحة الحديثة التي حصلت في هذا الزمان، والتي يكون بها الاقتتال بين الناس، فإن إعدادها وتهيئتها داخل في عموم قوله سبحانه وتعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال:60]؛ لأن كلمة القوة جاءت مطلقة عامة، ومعنى ذلك أن كل ما فيه قوة للمسلمين وإعداد العدة لقتال أعدائهم، فإن العناية به والتدرب عليه داخل تحت القوة التي قال الله عز وجل فيها: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال:60].
ثم إن الرمي أيضاً كما يكون بالسهام والنبل الذي كان هو السلاح الموجود في زمانهم يكون بالأسلحة الحديثة التي وجدت في هذا الزمان، مثل البنادق والرشاشات وغير ذلك.