قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الجرأة والجبن: حدثنا عبد الله بن الجراح عن عبد الله بن يزيد عن موسى بن علي بن رباح عن أبيه عن عبد العزيز بن مروان قال: سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (شر ما في رجل شح هالع وجبن خالع)].
أورد أبو داود باباً في الجرأة والجبن، والجرأة هي الشجاعة والنشاط والقوة، والجبن ضدها، وهو الخور والضعف وعدم الإقدام، والشاعر يقول: لولا المشقة ساد الناس كلهم الجود يفقر والإقدام قتال أي: لو كان السؤدد يحصل بدون مشقة ما بقى أحد إلا نال السيادة، لكن يمنعهم من ذلك خوف الفقر من النفقة، وخوف القتل بسب الإقدام، فتمتنع عنهم السيادة.
وأورد أبو داود رحمه الله حديث أبي هريرة وفيه ذم الجبن والبخل، فالجبن في أن لا يجاهد بنفسه، والبخل في أن لا يجاهد بماله.
قوله: [(شر ما في رجل شح هالع)] لأنه يجعل الإنسان يضعف ويتأخر عن البذل خشية الفقر.
والشح قيل: إنه شدة البخل، فالبخل أعم منه، والشح أخص فهو نوع من البخل وهو أشده.
والهلع هو الجزع وعدم الصبر.
قوله: [(وجبن خالع)] أي: يخلع القلب من الضعف والخور، ومعناه أنه يستولي على قلبه ويخلعه فيكون ضعيفاً جباناً.
وفي الحديث ذم لمن لا ينفق في سبيل الله، وذم لمن لا يجاهد بنفسه في سبيل الله.