قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ما يجزئ من الغزو: حدثنا عبد الله بن عمرو بن أبي الحجاج أبو معمر حدثنا عبد الوارث حدثنا الحسين حدثني يحيى حدثني أبو سلمة حدثني بسر بن سعيد حدثني زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: (من جهز غازياً في سبيل الله فقد غزا، ومن خلفه في أهله بخير فقد غزا)].
أورد أبو داود [باب ما يجزئ من الغزو]، أي: ما يكفي منه بحيث يعد الإنسان غازياً وإن لم يغز؛ وذلك بكونه قام مقام الغازي في رعاية أهله وإصلاح شئونهم وإيصال الخير إليهم ودفع الأذى عنهم.
قوله: [(من جهز غازياً في سبيل الله)] أي: من مكنه من الغزو، بمعنى أنه قدم له مركوباً يركبه أو أعطاه نفقة ينفقها في الغزو.
وقوله: [(فقد غزا)] لأن هذا الذي غزا في سبيل الله إنما قدر على الغزو بما بذله له، وبدون ذلك لا يستطيع ذلك الغازي أن يغزو إذا لم يكن هناك مركوبات أو زاد، فكونه يتصدق ويحسن فإنه يكون بذلك مأجوراً ومثاباً، فيكون كأنه قد غزا؛ لأنه تسبب في الغزو ومكن الغازي من الغزو.
قوله: [(ومن خلفه في أهله بخير فقد غزا)].
معناه: أنه ساعد على غزوه؛ لكونه أراحه فيما يتعلق بأهله، وبدلاً من أن يكون مشغول البال بأهله الذين خلفهم وراءه فقد وجد من يكون مستعداً لرعايتهم والمحافظة عليهم وإيصال الخير إليهم ودفع الأذى عنهم، فيكون بذلك مشاركاً للمجاهدين في الغزو.