قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا حماد عن حميد عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: (جاهدوا المشركين بأموالكم وأنفسكم وألسنتكم)].
هذا الحديث فيه الأمر بجهاد الكفار بالمال وبذل المال لينفق في سبيل الله من أجل إيجاد الأزواد والطعام والنفقة للمجاهدين، وكذلك لشراء المعدات التي تفيد في القتال في سبيل الله، وكذلك كون الإنسان يخرج بنفسه ليدعو المشركين إلى الإسلام، فإن دخلوا في الإسلام لم يقاتلوا، وإن أبوا الدخول في الإسلام قوتلوا حتى يدخلوا فيه أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون.
وأيضاً: يكون جهادهم باللسان بذمهم وهجوهم في الشعر كما كان حسان بن ثابت رضي الله تعالى عنه يهجو المشركين ويدافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن المسلمين، فالجهاد يكون بالنفس والمال واللسان، ويكون أيضاً بالقلم ومؤداه مؤدى اللسان، ويكون أيضاً بالنية كما في الحديث: (إن بالمدينة لرجالاً ما سيرتم مسيراً ولا قطعتم وادياً إلا كانوا معكم حبسهم العذر) يعني أنهم معهم بالنيات؛ لأنهم كانوا حريصين على الجهاد ولكنهم ما استطاعوا من قلة المال وعدم الظهر الذي يركبونه، فبقوا في البلد متألمين متأثرين يبكون؛ لأنهم لم يجدوا شيئاً يركبونه ويجاهدون مع المسلمين، فالجهاد يكون بهذه الأمور كلها، والحديث فيه الجهاد بهذه الأمور الثلاثة التي هي المال والنفس واللسان.
وأورد أبو داود هذا الحديث في باب كراهية ترك الغزو من جهة أن فيه الأمر بالجهاد وهو ضد الترك.