شرح حديث (اعتكف مع رسول الله امرأة من أزواجه فكانت ترى الصفرة والحمرة)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في المستحاضة تعتكف.

حدثنا محمد بن عيسى وقتيبة بن سعيد قالا: حدثنا يزيد عن خالد عن عكرمة عن عائشة قالت: (اعتكفت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من أزواجه، فكانت ترى الصفرة والحمرة، فربما وضعنا الطست تحتها وهي تصلي)].

أورد أبو داود باباً في المستحاضة تعتكف.

والمستحاضة هي: التي يخرج منها الدم بصفة دائمة، وهو غير الحيض؛ لأن الحيض يأتيها في أوقات معينة، فالمستحاضة عندما يأتيها الحيض تكون مدته معينة، فإذا جاءت المدة تمسك عن الصلاة والصيام، فإذا مضت مدته -وكان ذلك يعرف بلونه أو بمعرفة وقته أو أنها تقدر لها أياماً معلومة- فيكون الباقي استحاضة.

فأورد أبو داود حديث المرأة تعتكف وهي مستحاضة، والمستحاضة كما هو معلوم يكون معها الدم باستمرار، وذلك لا يمنع من صيامها، ولا من صلاتها، ولا من جماعها، ولا من جميع الأعمال التي تحتاج إلى الطاهرة؛ لأن هذا شيء لا علاقة لها به، فلا يعامل معاملة الحيض، فهي تصوم وتصلي، وتعتكف وتقرأ القرآن من المصحف، وكذلك يجامعها زوجها، وتفعل كل الأمور التي تكون من الطاهرات.

فأورد أبو داود حديث عائشة أن إحدى زوجات النبي صلى الله عليه وسلم كانت مستحاضة، وأنها كانت ترى الصفرة والحمرة، وأنها كانت تعتكف في المسجد، وأنهم كانوا يضعون الطست لها وهي تصلي، وقيل: إن هذه المرأة هي أم سلمة رضي الله عنها، ومثل المستحاضة مثل من به حدث دائم كالذي معه سلس البول، أو الذي يكون معه الريح التي تخرج باستمرار، فيتوضأ عند دخول الوقت ولا يؤثر ما يحصل له بعد ذلك؛ لأن هذا شيء خارج عن إرادته، والله تعالى يقول: {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} [التغابن:16] ويدل على اعتكاف المستحاضة وعلى دخولها المسجد والمكث فيه، ولكنها تعمل على عدم تلويث المسجد، وعدم تعريضه لأن يسقط عليه شيء من الدم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015