قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في الرخصة في ذلك.
حدثنا محمد بن كثير حدثنا سفيان ح وحدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا وكيع جميعاً عن طلحة بن يحيى عن عائشة بنت طلحة عن عائشة قالت: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل علي قال: هل عندكم طعام؟ فإذا قلنا: لا قال: إني صائم.
زاد وكيع: فدخل علينا يوماً آخر فقلنا: يا رسول الله أهدي لنا حيس فحبسناه لك، فقال: أدنيه.
قال طلحة: فأصبح صائماً وأفطر)].
أورد أبو داود باباً في الرخصة في ذلك.
يعني: في كونه لا يبيت النية من الليل، وإنما يعقدها من النهار، وهذا إنما هو بالنفل وليس بالفرض، ولكن أيضاً في النفل يستحب أن الإنسان يبيت النية من الليل، لكنه يجوز أن ينوي أثناء النهار، وأما الفرض فلا يجوز له؛ لأنه يجب أن تكون جميع أجزاء النهار قد حصل فيها النية، وعلى هذا فالنية للفرض لابد منها في الليل، وأما النفل والتطوع فيستحب أن يؤتى بها من الليل حتى تكون النية جاءت من أول الصيام ومن أول وقت الصيام، ولكنه يجوز أن ينوي في أثناء النهار، وقد أورد أبو داود حديث عائشة رضي الله عنها وهو حديث فيه أمران: كونه يصبح غير صائم ثم ينوي الصيام، أو يصبح صائماً تطوعاً ثم يفطر.
قوله: [(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل علي قال: هل عندكم طعام؟ فإذا قلنا: لا.
قال: إني صائم، فدخل علينا يوماً آخر فقلنا: يا رسول الله! أهدي لنا حيس فحبسناه لك، فقال: أدنيه)].
يعني: مرة ثانية جاء إليهم وكانوا يعرفون سؤاله عن الطعام فقالوا: إنه أهدي لنا حيس، والحيس هو الطعام الذي يجمع أموراً ثلاثة: التمر والأقط والسمن، وقد يكون بدل الأقط الدقيق فقال: أدنيه يعني: قربيه، فأكل منه.
قوله: [قال طلحة: فأصبح صائماً وأفطر].
يعني: أن التطوع للإنسان أن يفطر في أثنائه، وله أن ينويه من أثناء النهار، فهذا سائغ وهذا سائغ.