قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في صوم الثلاث من كل شهر.
حدثنا محمد بن كثير حدثنا همام عن أنس أخي محمد عن ابن ملحان القيسي عن أبيه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأمرنا أن نصوم البيض: ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة، وقال: هن كهيئة الدهر)].
أورد أبو داود باب صيام الثلاث من كل شهر، وقد ورد في صيامها وفي الوصية بها أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم منها: حديث أبي هريرة المتفق على صحته: (أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث: ركعتي الضحى، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وأن أوتر قبل أن أنام).
وحديث أبي الدرداء في صحيح مسلم: (أوصاني حبيبي صلى الله عليه وسلم بثلاث: ركعتي الضحى، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وأن أوتر قبل أن أرقد) وجاءت أحاديث تبين هذه الثلاث وتحددها، وتبين كيف يؤتى بها، فمما جاء في ذلك أنها تصام في أيام البيض، وهي: الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر، التي هي في منتصف الشهر، والتي هي ليالي الإبدار، ويقال لها: البيض؛ لأن الليل يكون فيها منيراً مضيئاً.
قوله: [(كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يأمرنا أن نصوم البيض)].
قوله: [(ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة، وقال: هن كهيئة الدهر)].
هذا تحديد وتعيين للأيام البيض، قوله: [(هن كهيئة الدهر)] يعني: صيام هذه الثلاثة الأيام سواء جعلت في نصف الشهر أو جعلت في أي يوم من الشهر في أوله أو في آخره أو في وسطه، أو بعضها في أوله، وبعضها في وسطه، وبعضها في آخره، كل ذلك يعتبر صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وهو كصيام الدهر؛ لأن الحسنة بعشر أمثالها، واليوم عن عشرة أيام، فإذا صام من كل شهر ثلاثة أيام فكأنه صام الدهر؛ لأن اليوم بعشرة أيام.