قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في صوم يوم وفطر يوم.
حدثنا أحمد بن حنبل ومحمد بن عيسى ومسدد، والإخبار في حديث أحمد قالوا: حدثنا سفيان قال: سمعت عمراً قال: أخبرني عمرو بن أوس، سمعه من عبد الله بن عمرو قال: (قال لي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم: أحب الصيام إلى الله تعالى صيام داود، وأحب الصلاة إلى الله تعالى صلاة داود، كان ينام نصفه ويقوم ثلثه، وينام سدسه، وكان يفطر يوماً ويصوم يوماً)].
يقول الإمام أبو داود السجستاني رحمه الله تعالى: [باب في صوم يوم وفطر يوم].
أي: حكم صيام ذلك، وأن ذلك من الأمور المستحبة، وأنه من صيام التطوع السائغ، حيث يكون الإنسان قادراً على ذلك، أما إذا كان يشق عليه فإنه يأتي بما أمكنه الإتيان به دون ذلك، وإذا أتى بثلاثة أيام من كل شهر وحافظ عليها كما أرشد إلى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الحسنة بعشرة أمثالها، واليوم عن عشرة أيام، ويكون ذلك كصيام الدهر، كما جاءت بذلك الأحاديث عن رسول الله صلوات الله وسلامه وبركاته عليه، وإذا كان يطيق أن يصوم يوماً ويفطر يوماً ولا مشقة عليه، ولا يلحق به ضرر، ولا يحصل بذلك تقصير في واجب وفي أمور أخرى مطلوبة منه فيما يتعلق بحق الله وحقوق الناس، فهذا الصيام هو أحب الصيام إلى الله، كما روى ذلك عبد الله بن عمرو رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أحب الصيام إلى الله صيام داود، وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود -يعني: صلاة الليل- كان ينام نصف الليل، ويقوم ثلثه، وينام سدسه) يعني: الثلث الذي يسبقه نصف ويعقبه سدس.
معناه: الخمس الرابع، والخمس الخامس من السدس الرابع، والسدس الخامس من الأسداس الستة، سدس أخير وسدسان قبله، وثلاثة أسداس في الأول، وهذا فيما يتعلق بصلاة الليل (وكان يصوم يوماً ويفطر يوماً) وقد بين صلى الله عليه وسلم أن هذا أحب الصيام إلى الله، وأن هذه أحب الصلاة إلى الله، وفي هذا إثبات محبة الله عز وجل، وأن الله تعالى متصف بالمحبة، وأن ما يحبه الله يتفاوت، فمنه ما يكون محبوباً، ومنه ما يكون أحب.