قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا القعنبي عن مالك عن أبي النضر عن عمير مولى عبد الله بن عباس: (عن أم الفضل بنت الحارث أن ناساً تماروا عندها يوم عرفة في صوم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال بعضهم: هو صائم، وقال بعضهم: ليس بصائم، فأرسلت إليه بقدح لبن وهو واقف على بعيره بعرفة فشرب)].
أورد أبو داود حديث أم الفضل بنت الحارث الهلالية رضي الله تعالى عنها وأرضاها، واسمها لبابة وهي زوجة العباس، وأم أولاده، وهي أم الفضل، وأكبر أولادها وأولاده الفضل رضي الله تعالى عنهم أجمعين، أورد أبو داود حديثها هنا، وهو أن الصحابة تماروا يعني: تكلموا، هل الرسول صائم أم هو مفطر؟ يعني: تحدثوا في هذا، هل هو صائم أم هو مفطر؟ فكان من ذكائها رضي الله عنها وأرضاها أنها أرادت أن تبين للناس بالفعل، فأخذت قدحاً من لبن وقالت: ناولوه إياه، فناولوه إياه وكان راكباً على دابته، واقفاً بعرفة فشرب والناس يرونه، فعرف الناس أنه مفطر، فكان هذا كما يقال: الجواب ما ترى لا ما تسمع، يعني: أم الفضل رضي الله عنها أرادت أن يكون الجواب ما يشاهده الناس، والنبي صلى الله عليه وسلم كان يحب اللبن ولا يرده، فأعطوه إياه فشربه صلى الله عليه وسلم والناس يرون، فعرفوا أنه مفطر، فهذا يدلنا على أن الأولى والأفضل في حق الواقفين بعرفة أن يكونوا مفطرين اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم، وأيضاً ليتقووا على الدعاء والذكر في ذلك اليوم العظيم.